عرف المغرب المعاصر عددا من الحركات الاحتجاجية، بفعل الاحتقان السياسي والاجتماعي الذي عرفته الدولة الحديثة بعد إنشائها، وبسبب التوتر الذي عرفته العلاقة بين القصر وعدد من المكونات السياسية والنقابية بمختلف توجهاتها، ولم تقتصر هذه الحركات على مدن المركز، بل امتدت لمختلف مدن وجهات والمغرب، وشاركت بها مختلف الفئات الاجتماعية والقطاعات الطلابية والعمالية.
لعل أهم هذه الانتفاضات التي عرفها مغرب ما بعد الاستقلال، هي ما عرفته مدينة الدار البيضاء شهر مارس ،1965 وما شهدته نفس المدينة شهر يونيو ،1981وأحداث يناير 1984 بعدد من مدن الشمال والوسط، ثم الحركة الاحتجاجية التي عرفتها مدينة فاس شهر دجنبر ،1990 فما هي السياقات التاريخية التي مهدت لهذه المحطات؟ وكيف جرت وما أبرز مجرياتها وأحداثها؟ وكيف واجهت الدولة هذه الانتفاضات وتداعياتها على الواقع السياسي والاجتماعي؟
كانت انتفاضة 23 مارس 1965 نتيجة متوقعة لمختلف الأزمات والصراعات السياسية التي عرفها المغرب بداية الستينات من القرن الماضي، حيث اشتدت حدة المواجهة بين القصر وأحزاب المعارضة، خصوصا بعد إسقاط حكومة عبد لله إبراهيم، والذي كان يسعى إلى إصلاح الوضع المالي، وإلى بناء مؤسسات صناعية وطنية، في إطار خطة لتحرير الاقتصاد المغربي، وهو ما أثار حفيظة عدد من رجال الأعمال الفرنسيين والإقطاعيين المغاربة، وانتهى الأمر بإقالة عبد الله إبراهيم، وتحويله إلى “أسطورة“ لدى الفئات المتوسطة والفقيرة. عوامل أخرى ساهمت في حقن الأجواء وإشعالها، من أهمها تقديم النظام في 27 يناير 1962 لدستور جديد وعرضه على الاستفتاء، وهو ما رأت فيه المعارضة “دستورا ممنوحا»، واعتبرت ما جرى «عملية منافية للديمقراطية“، وتقنينا لـ«نظام الحكم الفردي المطلق». ومنها أيضا تنامي حملات القمع ضد المعارضة، من خلال اعتقال عدد كبير من مناضليها، والتضييق على صحفها، وتوج كل ذلك باعتقال الآلاف من مناضلي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والحزب الشيوعي المغربي يوم 16 يوليوز ،1963 ثم الحكم بالإعدام في حق كل من الفقيه البصري والمهدي بنبركة وبنسعيد أيت يدر وحميد برادة وشيخ العرب.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 135 من مجلتكم «زمان»