لم يختلف الفقهاء المغاربة عن نظرائهم المشارقة في رفض تعليم البنات منذ البدايات الأولى للإسلام. ومع بداية الحماية، اندلع جدل فقهي بين معارض وبين مؤيد، مستعينين بتفسير النصوص الدينية، كل حسب اختياراته.
رغم أن الحقبة الأولى من الإسلام، عرفت بروز عدد من النساء في مجالات العلم والمعرفة، سواء زمن الصحابة أو من بعدهم، كعائشة زوجة النبي، وابنة أختها عائشة بنت طلحة، وزينب بنت أبي سلمة، وحفصة بنت سيرين، وغيرهن من الفقيهات والمحدثات، فإنه مع توالي القرون، وانطلاق أزمنة التخلف، تدهور وضع المرأة عموما، والدعوة إلى تعليمها خصوصا، فمنعت من التعلم، وظهرت الفتاوى بتحريم خروجها للدراسة والاطلاع، وأصبحت المرأة بالمجتمعات المسلمة جليسة بيتها، محرومة من أبسط حقوقها، إلا في حالات نادرة.
ومع تعرض هذه الدول للاحتلال الأجنبي، ورغبة المحتل في تعليم المرأة وإعادتها إلى مجلس الدرس، اندلع الجدل الفقهي بين من يعارض تعليم المرأة، ويراه منكرا من الفعل وزورا، وبين من دافع عن حق الفتيات في ارتياد المدارس وتعلم القراءة والكتابة والعلوم النافعة، فكيف كان موقف المجتمع الإسلامي الأول من تعليم المرأة؟ وكيف تغيرت مواقف الفقهاء من المرأة وتعلمها؟ وما هي مضامين الجدل الفقهي الذي أثاره دخول الاحتلال حول تعليم المرأة؟
لم يكن موضوع تعليم المرأة محل جدل خلال القرون الأولى للإسلام، ولا بين أيدينا من النصوص الدينية ما يمنع المرأة من التعلم والتفقه، سوى بعض المرويات النبوية التي أجمع المشتغلون بعلم الحديث على بطلانها وعدم صحتها، ولا يعلم عن أحد في تلك العصور القول بأن النصوص الحاثة على التعلم حصر على الرجال دون النساء، بل حسب الروايات المتوفرة فإن النساء طلبن مجالس خاصة بهن، وكان منهن بعد ذلك الرواة والفقيهات والمحدثات والمتصدرات للفتوى، كعائشة زوج النبي، وعائشة بنت طلحة، وأخت المزني الشافعي، وخديجة بنت سحنون، وأمة الواحد بنت المحاملي، وغيرهن ممن شدت الرحال إليهن للدرس والتعلم.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 107/106 من مجلتكم «زمان»