يظل تاريخ البرغواطيين ثقبا أسود في تاريخ المغرب، لا نعرف عنه إلا ما ورد من مصدر واحد، وهو ما كتبه عنهم خصومهم في العقيدة.
لم يُبق المرابطون أثرا للبرغواطيين، ماديا ولا غير مادي، وبالأخص الكتاب الذي كانوا يؤمنون به، ويأخذون به عقيدتهم، بلسانهم أي بالأمازيغية. المصادر الوحيدة التي نتناقلها هي ما كتبه ابن حوقل عنهم، ثم ما نعرفه عن زيارة كبيرهم زمور، أو صاحب صلاتهم، بما يشبه البطريق، إلى قرطبة عند خليفة المسلمين، الحكم المستنصر بالله، وما نقله البكري وابن عذاري، ثم مصدر ثالث اندثر لأبي عباس الفضل بن المفضل، وأخيرا شهادة يكتنفها خلط كبير لأبي حسن الوزان ما بين البرغواطيين والغماريين.
القومية الأمازيغية
نتحدث عن عقيدة دامت لزهاء ثلاث قرون في جزء كبير من المغرب، في جانب الساحل الأطلسي من طنجة إلى عبدة، بمعنى آخر في المنطقة الخصبة بالمغرب، ويغلب عليها حينها المصامدة، وإن لم تخل من مجموعات زناتية. ليست البرغواطية مجموعة قبلية منسجمة إنما عقيدة، اعتنقتها قبائل عدة، ولكن ما الذي نعنيه بالبرغواطية؟ من دون شك أن الكلمة تعرضت لتحريف من حيث النطق، كما المصامدة (أمس مود) وصنهاجة (إزناكن) وزناتة (إزياين، بحرف زاي مفخم، ومنه قبائل زيان في الأطلس المتوسط التي تطق بحرف زاي مفخم)، فهل للكلمة علاقة بأغاط وتغات أي النعجة، وهل هو طوطم؟ وهل هناك علاقة ما بين مسمى هذه العقيدة، والمكان المعروف بالأغواط في الجزائر؟ قد يسعفنا اللسانيون فيما اندثر من شهادة مادية.
حسن أوريد
تتمة المقال تجدونها في العدد 77 من مجلتكم «زمان»، مارس 2020