موضوع بروتوكولات الحكام في مغرب العصر الوسيط متعدد الأبعاد، يصعب الإحاطة بجميعها، ورصدها في زمن يقارب تسعة قرون من القرن 1هـ /7م إلى القرن 9هـ / 15م. لذلك، سيتم الاقتصار على نماذج من بروتوكولات حكام الدول المركزية الثلاث المرابطية والموحدية والمرينية.
كانت الدولة من خلال البروتوكولات المصاحبة للبيعة ترمي إلى إثبات هيبتها وقهرها، من ذلك على سبيل المثال لا الحصر أن الوفد الأندلسي الذي جاء لمبايعة الخليفة عبد المؤمن، وبغض النظر عن أنه ترك خارج مدينة سلا مدة من الزمن قبل أن يؤذن له بالسلام على الخليفة، انتاب أفراده ذعر وهلع جعلت ممثله يتلعثم في الكلام في حضرة الخليفة، وحصل الشيء نفسه لشخص آخر ضمن الوفد. لكل دولة بروتوكولها في تراتبية جهازها الحاكم، فخلال زمن المرابطين، كان ولي العهد يأتي بعد أمير المسلمين باعتباره المرشح لخلافته، وتسند إليه مهام في الدولة .فإن نجح في تدبيرها، يعلن «رسمياً ولياً للعهد بمقتضى مرسوم يلقى في المساجد حتى يقره أمراء المرابطين وشيوخهم والفقهاء، وبهذا يصبح ولي العهد الشخصية الثانية في الجلوس والحضور بالبلاط، بل يكتب اسمه إلى جانب اسم أبيه في العقود والمراسلات، ويضرب اسمه إلى جانب اسم أمير المسلمين على النقود».
لم تكن تربية أبناء الحكام، في الغالب الأعم، مماثلة لتربية باقي مكونات المجتمع بما أن أبناء الحكام أمراء، وقد يكون منهم ولي عهد الذي يصبح حاكما فيما بعد، بما يقتضي إعدادا خاصا. في هذا الإطار، حرص حكام المرابطين على سلك طرق صارمة في تربية أبنائهم، «حتى يظهروا بشكل يشرف البلاط والأسرة الحاكمة»، فاختاروا سبيلين من أجل تحقيق هذه الغاية، إما بعث الأمراء إلى الأندلس من أجل التربية والتعليم، والانتباه إلى ما تراكم من طقوس الحكم فيها، وتشرب ما بلغته الأندلس من طور حضاري متقدم، وإما استقدام المؤدبين إلى القصر في عاصمتهم مراكش.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 134 من مجلتكم «زمان»