حوالي 50 سنة على اختفائه، ما يزال مصير المهدي بنبركة، الزعيم الوطني واليساري، مجهولا. على مدى عقود تعاونت السلطات المغربية والفرنسية لإخفاء حقيقة مصيره. عودة لسياق وتفاصيل الجريمة، وكيف يتواطأ فرنسيون ومغاربة لعرقلة التحقيق القضائي في الملف.
حوالي 12 و25 دقيقة من يوم الجمعة 29 أكتوبر 1965 صعد المهدي بنبركة بهدوء سيارة الشرطة الفرنسية التي كان يقودها ضابط الشرطة سوشون في شارع سان جرمان قرب سينما دروغستور وفندق تيران في باريس. غير بعيد عن مطعم ليب، الذي سيصبح شهيرا لاقترانه باختفاء الزعيم الوطني منذ تلك اللحظة، انطلقت سيارة الشرطة نحو فيلا رجل عصابات فرنسي يدعى بوسيش حيث سيختفي أثر المهدي منذ ذلك التاريخ. لم يظهر الرجل أي عصبية أو مقاومة، حسب شهادة سوشون، كما يوردها موريس بوتان محامي العائلة في مؤلف غني وشيق يضم تفاصيل دقيقة حول قضية اختطاف بنبركة وكل تطوراتها على مدى 44 سنة.
في كتابه، “الحسن الثاني، دوغول، بنبركة، ما أعرف عنهم”، يضع بوتان أمام القارئ كما وفيرا من الوثائق والشهادات والمعلومات والقرائن، ليعيد رواية وقائع القضية لحظة بلحظة.
هكذا لا يستبعد بوتان أن يكون المهدي صعد فعلا سيارة مختطفيه “بهدوء” لأنه ظن أن رجال الشرطة هؤلاء جاؤوا ليقتادوه نحو موعد سياسي مهم، يتمثل في لقاء محتمل مع الجنرال دوغول، رئيس الجمهورية الفرنسية آنئذ. فعن طريق صديقه هنري كوريل – الذي اغتيل بدوره في باريس في 4 ماي 1978 – حصل المهدي، بصفته فاعلا في اللجنة التحضيرية لمؤتمر القارات الثلاث وزعيم المعارضة المغربية، على موعد للقاء دوغول في 30 أكتوبر 1965، فظن أن الموعد تم تقديمه بيوم واحد. لكن المهدي لم يكن يعلم أن الحسن الثاني كان يخطط لإعادته بالقوة إلى المغرب، وأن فريقا من رجاله المقربين يرتب العملية منذ أشهر، بتنسيق تام مع فريق من المخابرات الخارجية الفرنسية وأجهزة أمنية وحكومية أخرى.
إسماعيل بلاوعلي
تتمة المقال تجدونها في العدد 7 من مجلتكم «زمان»