تقلد بنو وطاس مناصب كبيرة في عصر بني مرين، وصلت إلى حد الوصاية على السلطة، ثم سعوا إلى الحكم، لكن دولتهم لم يكتب لها العمر الطويل.
كد ابن خلدون أن أصل الدولة في مغرب العصر الوسيط هو قبيلة ذات عصبية وشوكة، تتغلب على أغلب القبائل وتتحالف مع أخرى، وينتهي بها المطاف إلى الملك، إذ هو غاية العصبية. إذا كانت هذه النظرية تنطبق على الدول المركزية المغربية الثلاث المرابطية والموحدية والمرينية، فهل كان الحال كذلك بالنسبة للدولة الوطاسية؟
انخرط بنو وطاس، الذين يصنفهم بعض النسابة ضمن القبائل الصنهاجية، في الحلف المريني، الذي أسفر عن تشكل الدولة المرينية، منذ بداياته الأولى، حيث أقطعهم أبو بكر يحيى تازوطا والريف، وتصاهروا مع بني مرين وامتزجوا. وقد فقه بنو مرين أهمية بني وطاس لكثرة أعدادهم وقيمة الأموال المترتبة عن جبايتهم، ولحفظ التوازن داخل الحلف المريني، ولتحكمهم في بعض القبائل المحلية الخاضعة لسيادتهم. لذا، لم يجد بعض سلاطين بني مرين غضاضة في تعيين بعض أفراد البيت الوطاسي في مناصب مهمة في الدولة من قيادة للجيش وولاية ووزارة. مع مرور الوقت، كان شأن بني وطاس يتزايد في البلاط المريني إلى أن أصبحوا أوصياء على العرش المريني في شخص أبي زكريا الوطاسي، والدولة آنذاك في نزعها الأخير بعد وفاة السلطان أبي سعيد عثمان الثالث سنة 823هـ/ 1420م. أصبح أبو زكريا وصيا على عبد الحق بن أبي سعيد آخر سلاطين الدولة المرينية وحاكما باسمه، وهو الذي لم يكن عمره يتجاوز آنذاك العام الواحد، وكان يتصرف مثل أي سلطان فعلي.
محمد ياسر الهلالي
تتمة الملف تجدونها في العدد 43 من مجلتكم «زمان»