فقد المغرب واحدا من أبنائه البررة، من عرف بالصدق والنزاهة طيلة مسيرته النضالية. فقد ظل محمد بن سعيد يمارس العمل السياسي بروح المقاوم ومزاج المتصوف .بقي صامدا وعنيدا دون صراخ ولا ارتعاش…
«كان محمد بن سعيد هو من سيقدم كتابي “الجزائر، حكاية عشق“، وقد وافق بواسطة صديقي الكبير أحمد حبشي .إلا أنه في آخر لحظة اتصل بي ابنه عثمان، طالبا مني تأجيل الموضوع. كان المرحوم بن سعيد، أول من تسلم النسخة بعد الطبع من طرف الأخ حبشي، وتواعدنا على الالتقاء به في بيته قادما من تزنيت. قبيل سفري، تواصلت مع حبشي لتحديد موعد زيارة بن سعيد، وطلب مني إخباره بمجرد وصولي إلى الدار البيضاء. وصلت يوم الاثنين على أمل اللقاء به الثلاثاء، لكنه نقل إلى المستشفى العسكري بالرباط، ارتأيت هنا، أن أقتضب شذرات من مضمون آخر لقاء حميمي معه، ومضمون آخر مكالمة هاتفية».
«لم أكد أتجاوز العشر سنوات، حين رافقني والدي مسعود الطالبي إلى هشتوكة للدراسة في إحدى المدارس العتيقة، قادما إليها من مدرسة بونعمان المجاورة لمدرسة سيدي بوعبدلي بضواحي تزنيت.
كان والدي يحرص، دوما، على اختيار الأستاذ المناسب الذي له باع في المعرفة وحنكة في التدريس. قام بتحفيظي قصيدة شعرية لإنشادها أمام أستاذي الجديد محمد العاتقي الألغي، وهي من نظم شقيقي محمد، اختارها كهدية لتوديع صديقه العاتقي بعد انتهاء مقامه في مراكش.
حدثني أن هناك ثلاثة شبان التحقوا بمراكش للدراسة على يد المختار السوسي، وهم شقيقي والعاتقي، وآخر يعرف بمحمد بن سعيد الشتوكي. أخبرني أننا سنكون ضيفين على والده سعيد أيت يدر، وهو تاجر منتسب للطريقة الدرقاوية، وبدا لي مهابا ذا لحية طويلة وكثيفة لا تضاهيها إلا لحية والدي.
مرت شهور وأنا طالب في المعهد الإسلامي بتارودانت، وذات يوم ستغلق أبواب المعهد، ويدعى جميع الطلبة إلى القاعة الكبرى للاستماع إلى محاضرة حول واقعة “الزيوت المسمومة“، التي اهتز لها المغرب سنة 1959. وكان المحاضر هو محمد بن سعيد الشتوكي الذي سيعرف فيما بعد بأيت يدر.
هاجمت صحافة حزب الاستقلال منظم المحاضرة، عمر الساحلي المتوكل، والمحاضر محمد بن سعيد بدعوى أنهما يقحمان الشباب في العمل الحزبي وصراعاته.
أحمد المسعودي الطالبي
تتمة المقال تجدونها في العدد 126 من مجلتكم «زمان»