يقدم عبد الهادي خيرات، عضو المكتب السياسي السابق في حزب الاتحاد الاشتراكي، شهادته في هذا الحوار، حول ما عاشه مع عبد الرحيم بوعبيد وما خبر عنه. خيرات، الذي ينعت بـ”الإبن الروحي لبوعبيد”، يتحدث لأول مرة عن تفاصيل مهمة في مسار الزعيم السياسي.
في البداية حدثنا عن علاقة عبد الرحيم بالملك محمد الخامس، كيف كانت صلته به؟
ربما ما نشر من مذكرات بوعبيد يجيب على جوانب من السؤال. كان عبد الرحيم يقول بأن الهاجس الذي كان يؤرق قادة الحركة الوطنية هو الخوف من عزل محمد الخامس والانفراد به كرمز للدولة المغربية، وأن المستعمر عمل، فعلا، على محاصرته ومنعه من أي اتصال بالحركة الوطنية. لهذا، انتدب الوطنيون عبد الرحيم ليقوم بهذه المهمة سرا وإطلاع محمد الخامس على كل ما تتبعه من خطوات وما تتبناه من مواقف، حتى تكون مواقف الحركة الوطنية في انسجام تام مع مواقف الملك. وكان ولي العهد، (مولاي الحسن)، آنذاك هو صلة الوصل، حيث كان يأخذ عبد الرحيم في صندوق سيارته الخلفي ويدخله القصر خفية للقاء الملك، وقد حدث ذات مرة أن أصيبت إحدى العجلات بعطب، فمد عبد الرحيم لولي العهد يد العون من داخل الصندوق المختبئ فيه إلى أن استبدلا العجلة ثم واصلا السير .وهي علاقة توطدت أكثر غداة الاستقلال، نظرا لما كان يطلع به عبد الرحيم من مهام وواجهات متعددة اقتصادية واجتماعية، ومن متابعة مخلفات المفاوضات التي تحمل مسؤوليتها.
وكيف كانت علاقته بولي العهد آنذاك؟
لم تكن على ما يرام، لأسباب مادية، وأخرى حول رغبة ولي العهد في تسيير دواليب الدولة، حيث كان يطمح في أن يتولى رئاسة الحكومة .وقد أسر بذلك لعبد الرحيم ذات ليلة حول مأدبة عشاء (امتدت حتى الصبح)، فتساءل عبد الرحيم عن كيفية ذلك وهو في نفس الوقت وليا للعهد، حيث قال له: «أن تكون رئيسا للحكومة، يلزم أن تكون هناك معارضة.. وفي هذه الحال الناس ستخلط الأشياء، فتصبح لا تدري هل هي معارضة لملك الغد أم معارضة للحكومة التي سترأسها» .فكان جواب ولي العهد، أنه لا يمكنه الانتظار إلى أن يموت والده، أي إلى حين أن تسقط أسنانه ويضع طاقم أسنان بديل .كان رأي عبد الرحيم أن البلاد محتاجة إلى مؤسسات وإلى دستور يؤطر أعمالها وإلى انتخابات حرة ونزيهة للقطع مع مخلفات الاستعمار.
حاوره غسان الكشوري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 99 من مجلتكم «زمان»