عرف المغرب العديد من أشكال الاتجار في المحظورات التي خلقت جدلا واسعا داخل المجتمع، منها مثلا تجارتا الخنزير والدخان. وقد عرفت هذه التجارة انتشارا متزايدا خلال القرن ،19 بسبب تضاعف أعداد الأوربيين بالمغرب.
شهد المغرب خلال القرن التاسع عشر بعض التغيرات على مستوى نشاطه التجاري، وذلك بسبب دخول العنصر الأجنبي للبلاد واستيطانه بها، مما جعل المغرب، بالإضافة لعوامل أخرى، يعيش دينامية جديدة في معاملاته الاقتصادية. وفي خضم هذه التحولات، عرفت بعض المواد الاستهلاكية نشاطا متزايدا، على الرغم من أنها كانت محظورة ومحرمة، منها المتاجرة في لحوم الخنازير واستهلاك الدخان، مع العلم أن أشياء أخرى كانت محظورة وتمت المتاجرة بها، على سبيل المثال: بيع الخمور، والسلاح، والمتاجرة في عظام الموتى، وبيع الأطفال ..وغيرها. في دراسة خصصها لتجارة المحظورات، ركز المؤرخ لطفي بوشنتوف على تجارة الدخان، هذه السلعة التي انتشرت بشكل واسع وتحت أعين المخزن خلال القرن التاسع عشر. وهو وضع مرتبط بانفتاح البلاد على الأجانب، والسماح لهم بالعيش وممارسة حياتهم بين رعايا المجتمع المغربي. يشير هذا المؤرخ إلى أن تجارة الأجانب كانت خاضعة لإكراهات خارجية وداخلية؛ تتمثل في الاتفاقيات الدولية مع المغرب، وكذلك في الجانب الديني الذي يؤطر «التجارة الحلال» داخل الإيالة الشريفة. ويبدي المؤرخ ملاحظته بأن المتاجرة في هذه السلعة ليست وليدة النصف الثاني من القرن ،19 وإنما «اتخذت خلاله طابع استمرارية التواجد وضخامة الحجم مع ما ترتب عنهما من اختلاف المواقف وتشعب المشاكل».
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 124 من مجلتكم «زمان»