قادت الزاوية الدرقاوية، التي ظهرت في المغرب، عبر أتباعها في الجزائر سلسلة من الثورات والتمردات على الحكم العثماني هناك خلال القرن التاسع عشر، يبقى أبرزها ثورتي “ابن الشريف” في الغرب و”ابن الأحرش” في الشرق.
تميز القرن التاسع عشر بحركة نشيطة لتيار الزوايا والتصوف في المغرب، خصوصا في فاس التي استقر فيها عدد كبير من زعمائها. وكان لهذا التيار عدد كبير من الأنصار والأتباع، وحظي غالبا بدعم السلطة السياسية. وظلت الزوايا عموما دائما حاضرة في قلب المجتمع والسياسة، بل قامت بأدوار حاسمة في تشكيل التاريخ المغربي.
وتبقى الزاوية الدرقاوية واحدة من أبرز هذه الزوايا وأقواها تأثيرا، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، بعد أن انتقلت من الاكتفاء بالانخراط في الحقل الديني إلى المزج بين السياسي والاجتماعي والروحي لتنجح في استقطاب فئات واسعة من النخب الحضرية والقروية. كما تمكنت في وقت وجيز أن تكون قاعدة جماهيرية عريضة لها في مختلف المناطق المغربية ومن مختلف الطبقات الاجتماعية. واستطاعت في مراحل تاريخية لاحقة الانفلات من سيطرة المخزن، وتغلبت بدهاء كبير على محاولات إخضاعها.
لم ينحصر نفوذ الدرقاويين في المغرب فحسب، بل وصل انتشار الفكر الدرقاوي إلى الجزائر التي ستضطلع فيها هذه الطريقة بأدوار هامة في التاريخ الجزائري سواء من خلال مواقفها ضد الاحتلال الإسباني، حيث تطوع المئات من أنصار الدرقاوية لحمل السلاح والجهاد، أو من خلال التحريض على قيام عدد من الثورات ضد الحكم العثماني في الجزائر، خلال القرن التاسع عشر، بعد أن فكوا تحالفهم البراغماتي مع السلطة العثمانية.
عماد استيتو
تتمة الملف تجدونها في العدد 54 من مجلتكم «زمان»