كان من قدر مدينة زرالدة الجزائرية الصغيرة، يوم 10 يونيو 1988، أن تودع هدوءها المعتاد ولو حتى حين، وهي تستعد لاستقبال ضيوف، بأسماء وصفات، لم تعهدهم من قبل. في صباح ذلك اليوم، كان الشاذلي بنجديد الرئيس الجزائري قد حل بالمدينة، التي تبعد بحوالي 30 كيلومترا عن عاصمة بلاده، استعدادا لاستقبال ملك المغرب الحسن الثاني، والرئيس التونسي زين العابدين بنعلي، والزعيم الليبي معمر القذافي، والرئيس الموريتاني معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، والعاهل السعودي الملك فهد كضيف شرف، وأيضا كشاهد استثنائي على وضع اللبنات الأولى لتأسيس اتحاد المغرب العربي.
جاء اجتماع زرالدة غداة اختتام أشغال مؤتمر القمة العربية الطارئ الذي احتضنته الجزائر، والذي ألقى فيه الحسن الثاني خطابا شدد فيه على ضرورة الوقوف “مواقف موحدة، كيفما كانت مواقعنا الجغرافية، وكيفما كان جوارنا الاقتصادي والاجتماعي”.
كما جاء الاجتماع أياما قليلة بعد تطبيع العلاقات بين الرباط والجزائر عبر تعيين سفيرين في العاصمتين. فقد سلم الحسن الثاني، يوم 30 ماي 1988، طبيبه الخاص عبد اللطيف بربيش أوراق اعتماده كسفير في الجزائر، فيما اعتمدت الأخيرة عبد الحميد مهري سفيرا لها في المملكة.
هكذا، أصبحت كل الظروف مهيأة لتجاوز الخلافات والتوجه نحو “بناء المستقبل على أسس إيجابية”، كما قال الملك الراحل للسفير بربيش. وبدأت أولى الخطوات، لإبداء حسن النوايا، بالانخراط في تأسيس اتحاد مغاربي. عرفت زرالدة نواته، وكان يجب انتظار يوم 17 فبراير 1989، أي بعد تسعة أشهر تقريبا، لإعلان الولادة الفعلية للاتحاد في مدينة مراكش، بحضور القادة الخمسة.
أي نتيجة
View All Result