كان فرنسيو فاس يواصلون احتفالاتهم بفرض حماية بلادهم على الإمبراطورية الشريفة من خلال معاهدة 30 مارس 1912. وكان السلطان مولاي عبد الحفيظ يحتفل مع “المفاوض السعيد” أوجين رينيو في قصر فاس ببداية صفحة سعيدة. تناول الحاضرون في الحفل ما لذ وطاب، وشربوا كؤوس الشاي والقهوة. دخن المولاي عبد الحفيظ سجائر، ولعب جولة شطرنج مع رينيو، وخسر فيها بسرعة، كما خسر سيادة بلاده. خارج القصر، كان العلماء والأشراف والتجار والحرفيون يستشيطون غضبا من بيع جزء من “دار الإسلام” إلى النصارى. وكان الجنود المغاربة يخططون لتمرد ضد رؤسائهم الفرنسيين، احتجاجا على سوء المعاملة وضد إجراء التخفيض من رواتبهم.
بدأت فاس تغلي، ثم سرعان ما انطلق الغاضبون بالفعل. ترك الجنود ثكناتهم يوم 17 أبريل، مدشنين ما عُرِف بـ”ثورة الطوابير”، وخرجوا لقتل الفرنسيين، جنودا ومدنيين، في الأزقة أو البيوت. ثم انضم إليهم السكان للهجوم على الحي الأوربي، لكن لاستهداف الفرنسيين فقط، ثم الهجوم على حي الملاح للانتقام من اليهود، الذين هبوا للترحيب بمقدم “المفاوض السعيد”، فنهبوه وأجبروا سكانه إلى اللجوء إلى قصر السلطان طلبا للحماية. استمر الكر والفر ثلاثة أيام، وهي المعروفة في الحوليات العسكرية الفرنسية باسم “أيام فاس الدامية”. اضطرت معها سلطات الحماية الفتية إلى الاستعانة بقوات أخرى، قبل أن تتمكن، يوم 19 أبريل، من إخماد الثورة التي أسقطت عشرات القتلى من الفرنسيين والمغاربة اليهود.
أي نتيجة
View All Result