كان لقاء الفرصه الأخيرة بين الحسن الثاني ومعارضه المهدي بن بركة، لطي الصفحة وكتابة عهد جديد. حاول الملك الراحل، الذي وجد نفسه منذ توليه الحكم أمام معارضة قوية وعنيفة في بعض الأحيان، مد اليد لـ”تصفية الخواطر”، وبادر إلى إرسال أحد رجال ثقته إلى ألمانيا للقاء زعيم المعارضة بن بركة، الذي أصبح وجها عالميا بارزا في حركة دول عدم الانحياز، وكانت شرعيته وهالته تزدادان يوما بعد يوم. في مساء 24 أبريل 1965، احتضن منزل شقيق بن بركة في مدينة فرانكفوت الألمانية لقاء سريا بين مؤسس حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والأمير علي ابن عم الملك وأحد ثِقاته.
لم تجد الدعوة الملكية لعودة المهدي إلى بلاده صدى، وإن كان شدد على معرفة الضمانات التي يمكن أن تحول دون تعرضه لأذى. في المقابل، أبدى الحسن الثاني، الذي عبر عن عزمه في بناء وحدة وطنية لا تستثني أحدا، حسن نواياه، وأصدر عفوا عاما، بعد مرور حوالي عشرة أيام عن لقاء فرانكفورت، شمل معارضيه الأكثر شراسة، وأغلبهم قياديون في الاتحاد الوطني. لم يبعث بن بركة برسالة جواب. كان مشغولا بالتحضير لمؤتمر القارات الثلاث في العاصمة الكوبية هافانا. ثم بدا أن الرسالة لن تصل أبدا، بعد اختفاء بن بركة، يوم 29 أكتوبر من نفس السنة، في الوقت الذي كان يهم بدخول مطعمه المعتاد “براسري ليب” الموجود في قلب باريس.
أي نتيجة
View All Result