كان ناصر الزفزافي قد صنع اسمه فيما عُرِف بـ”حراك الريف”. وتجاوز صيته مدينته الحسيمة، المحاصَرة بالطبيعة والجبال، ليصل إلى صالونات الرباط وعبرها إلى مختلف ربوع المملكة. كما تجاوزت مستجدات حراك الريف العوالم الافتراضية ليصبح واقعا على أرض الواقع. كان الشبان يخرجون وراء الزفزافي “مسالِمين” للمطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، ثم يعودون إلى بيوتهم “سالِمين راشدين”، وإن كانت بين الفينة والأخرى تقع مناوشات بين المشاغبين منهم ورجال الأمن.
اندلعت الاحتجاجات، أولا بشكل تلقائي، بعد مقتل محسن فكري بائع السمك داخل شاحنة لنقل الأزبال يوم 28 أكتوبر 2016. ثم بدأت تتطور من حيث التنظيم والشعارات وأعداد المشاركين، وبعد زخم تضامن المواطنين في ساحات المدن الكبرى.
هكذا، بدأ الزفزافي يظهر كزعيم في الصورة بشكل جلي. وأصبح اسمه يتردد داخل المنازل والمقاهي والملاعب… وحتى في المساجد، كان اسمه يتردد بالهمس والغمز والرمز. لكن ما حدث في يوم 26 ماي 2017 أن “أمغار ناريف”، أي قائد الريف، قاطع إماما حين كان يلقي خطبة الجمعة للاحتجاج على “دين ومساجد المخزن”، وذلك ما اعتبرته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إخلالا بـ”التقدير والوقار الواجبين لبيوت الله أثناء صلاة الجمعة مما أفسد الجمعة وأساء إلى الجماعة”.
لم تعدم وزارة أحمد التوفيق الأسس الشرعية لإدانة صاحب “الفتنة الكبيرة” والمزعزع لـ”ضمير الأمة” الذي “منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها”.
كانت خرجة الزفزافي لأداء صلاة الجمعة تلك آخر خرجاته، إذ اعتقل بعد ثلاثة أيام، ليجرب بعدها غرف الاستنطاقات وردهات المحاكم، قبل أن يدان بـ20 سنة سجنا نافذا بتهمة “المشاركة في مؤامرة تمس بأمن الدولة”.
أي نتيجة
View All Result