ابتداء من ستينات القرن الماضي، توالت الأحداث في المغرب ولم تتشابه، قبل أن تشتعل، بالنار والدم، في مطلع ربيع عام 1965. في غضون ذلك، كان على الحسن الثاني، الملك الشاب (بالكاد 36 سنة)، أن يواجه، في الآن ذاته، معارضة سياسية قوية واحتجاجات شعبية أصبحت تعبر عن نفسها في الشوارع. فقد انقطع حبل الود بين القصر وأحزاب المعارضة، خاصة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بقيادييه الكبار: عبد الله إبراهيم ومحمد الفقيه البصري وعمر بنجلون وعبد الرحيم بوعبيد وعبد الرحمان اليوسفي وآخرين. بينما بدأت أصوات المغاربة ترتفع للتنديد بما أصبح يعيشه الغالبية منهم في الحياة اليومية من “ضنك وفاقة”، يحاصران الحاضر ويضعان حول المستقبل علامات استفهام. السؤال حول المستقبل هو من أخرج الشباب إلى شوارع الدار البيضاء، أولا في مارس 1965، لإشعال الفتيل احتجاجا على مذكرة لوزارة التربية الوطنية تمنع من هم فوق 16 سنة من ولوج التعليم الإعدادي. كانت الاحتجاجات حاشدة وسلمية. ولأن كلما كثرت الحشود، يصبح من الصعب “ضبط الإيقاع”، وتصبح بعض الانفلاتات من ضمن الاحتمالات التي لا يمكن أن تؤثر على نُبل القضية ككل. غير أن النظام استغل بعض أعمال الشغب المنفلتة تلك، ليرد بعنف، وليعتقل المئات ويختفي العشرات.
مع ذلك، تفشت عدوى الاحتجاجات في باقي مدن المملكة. ثم تحول البرلمان، الأول في تاريخ المغرب، إلى ساحة معركة بين الحكومة والموالين لها وبين المعارضة التي لم تتأخر في رفع ملتمس للرقابة، كإجراء دستوري فريد، للتنديد باختيارات السلطة التنفيذية. هكذا، أصبحت الحكومة ووزراؤها في مرمى حجر الاتحاديين الذين عبؤوا خيرة أطرهم لدحض اختياراتها بقوة القانون وبالحجة والبرهان. لكن في الوقت الذي بدا أن المعارضة تربح أغلبيتها السياسية مقابل الأغلبية العددية للحكومة في البرلمان، تدخل الحسن الثاني ليعلن، يوم 6 يونيو 1965، عن فرض حالة الاستثناء، التي تعني فيما تعنيه، أيضا، حل البرلمان أي الاستغناء عن السلطة التشريعية. شدد الملك الراحل، حين أعلن عن قراره، أن الحالة لن تدوم، غير أن المحاولتين الانقلابيتين في بداية السبعينات جعلها تعمر زمنا أطول.
أي نتيجة
View All Result