في مثل هذا اليوم، من سنة 1994، توجه الملك الحسن الثاني، بخطاب إلى الشعب المغربي بمناسبة عيد ميلاده الخامس والستين. ومما جاء في الخطاب قراره العفو عن المعتقلين السياسيين، لكن “باستثناء من لا يعترف بمغربية الصحراء”.
قال في خطابه: “قررنا أن نطوي نهائيا صفحة على ما يسمى عندنا بالمعتقلين السياسيين. شخصيا– والله يعلم سريرتي وطويتي – لا يمكنني أن أقول: إن فلانا سجين لسبب سياسي أو لسبب إجرامي، ولكن لي الرغبة في أن يتضح هذا الأمر نهائيا حتى لا نبقى عرضة للحيرة والتشكك في الداخل، وعرضة لأن يلمزنا المغرضون والأعداء في الخارج، وحتى يمكن للمغرب إذا قال: أنا دولة القانون – كيفما كان الرجل الذي قالها – أن يكون صادقا في قوله، ويكون كذلك ما عمله يدل على صدقه.
إذن، كيف سنتوصل إلى هذا الفرز..؟
لم أجد حلا سوى أن أعرض هذه المشكلة على المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، ذلك المجلس الذي نحترمه كلنا، والذي يضم جميع الأحزاب السياسية والهيئات النقابية وجميع شرائح المجتمع المغربي، والذي يعترف له الجميع بالنزاهة والاستقامة، فأعطينا أوامرنا ليجتمع هذا المجلس صباح يوم الثلاثاء القادم، وينظر في جميع اللوائح التي هي لديه، وأن يعطينا جوابه في أجل لا يتعدى 48 ساعة (…)
وهكذا بمجرد ما أتوصل باللائحة التي يكون قد وضعها ذلك المجلس أضع الطابع الشريف، ويصبح منذ ذلك الوقت كل من كان سجين معتقدات سياسية حرا، والله يشهد أنني لا يمكن أن أقول: بأن فلانا سجين سياسي أو سجين إجرامي، ولكن قرار أو عمل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان سيلزمني، وسوف أكون مسرورا إذا ما هو أتاني بلائحة كثيرة الأسماء، علما مني ومنه أنه هناك استثناء؛ إذ لا يمكن أن يدخل في هذه اللائحة من لا يعترف بمغربية الصحراء.
لقد وقع لبعض أبناء هذا البلد أن غرر بهم وقالوا تلك المقولة منذ سنين، ولكن تابوا ورجعوا إلى جادة الصواب، وأعربوا عن توبتهم، فأطلق سراحهم؛ فإذا كان هناك – إما في الداخل أو في الخارج – أشخاص صدر منهم أنهم قالوا: إن الصحراء ليست مغربية، وأرادوا أن يمتعوا بهذا العفو الشامل فلا باب لهم إلا أن يتوبوا أمام الله وأمام بلدهم ومواطنيهم التوبة النصوح التي لا رجعة فيها، وأن يؤكدوا مغربية الصحراء، وآنذاك لن يبقوا مستثنين من هذه اللائحة…”