رُسمت ملامح حديقة ماجوريل بعناية فائقة، أملى تفاصيلها عشق وولع من فنان مبدع للطبيعة وللمكان، فاعتبرها البعض قطعة من الجنة على الأرض، احتضنتها مراكش سابغة عليها بعضا من عبق التاريخ.
تخللت المدينة الحمراء الكثير من الحدائق المنتشرة هنا وهناك، محدثة لوحة فسيفسائية رائعة منحت المكان جاذبية لا مثيل لها. ومن أشهر الحدائق بمراكش “عرصة مولاي عبد السلام“ و“عرصة البيلك“ و“غابة الشباب“، و“حدائق أكدال“ و“حدائق المنارة“، ثم “حديقة ماجوريل“، هذه الحديقة التي حملت اسم منشئها الأول، الذي جمع أشتات نباتاتها من مختلف أنحاء الأرض، بحيث قاده شغفه بالطبيعة إلى التنقل عبر القارات الخمس للحصول على فسائل النباتات النادرة ليأتي بها إلى أرض مراكش، كما أنه استثمر موهبته الخلاقة في الرسم في تزويق أجزاء الحديقة وتنميقها حتى عادت وكأنها لوحة مرسومة على الأرض. رأى جاك ماجوريل النور بمدينة نانسي الفرنسية، وذلك في السابع من مارس سنة 1886م، كان أبوه لويس ماجوريل مصمم أثاث منزلي شهير، تأثر الفتى الصغير منذ نعومة أظافره بما كان يبدعه والده من قطع فنية أكسبته شهرة كبيرة في وسطه الاجتماعي. ومنذئذ، بدأت ملكة الرسم تظهر عليه، ونما شغفه بكل ما هو منسق ومرتب ويحمل ألوانا متساوقة، فقاده هذا الأمر إلى الاهتمام بالنباتات بمختلف أصنافها وألوانها وأشكالها. اعتاد جاك، بعد أن اشتد عوده، على السفر والترحال، وذلك لاستكشاف عوالم جديدة تمكنه من توسيع مداركه، وإغناء خيالاته وإثراء أفكاره ليواصل موهبته في الرسم، فساعده التنقل بين بلاد مختلفة من حيث حضارتها وتقاليدها في إغناء تجربته الفنية، فازداد ولعه بالنباتات التي أغرته بجمالها وتناسقها.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 135 من مجلتكم «زمان»