قد لا يسع المقام، هنا، في تقديمنا للسفيرة والدبلوماسية السابقة حليمة امبارك ورزازي، فمسارها الطويل والحافل بالأحداث الدولية الكبرى لم تكفه حتى مذكراتها التي كتبتها. هذه السيدة والخبيرة الدولية لا يحتفى بها بالقدر الذي تستحق في قائمة الرائدات المغربيات اللواتي صنعن تاريخنا الراهن، ربما لأنها متواضعة وتتجنب الأضواء وتكتفي بالعمل .بالمقابل، إن ردهات ”الأمم المتحدة “ومقرات نيويورك وجنيف وبلغراد.. وكل الجلسات التي تداولت ”حقوق الإنسان” في العالم منذ الخمسينات، تعرفها حق المعرفة؛ إذ قضت ورزازي خمسة عقود تدافع فيها عن الحق الإنساني، وكان لها دور كبير في إلزام الدول باحترام الحقوق ونبذ جميع أشكال التمييز في العالم. كما أسهمت بأدوار كبيرة في خدمة القضايا الوطنية، في مقدمتها الدفاع عن مغربية الصحراء في المحافل الدولية .التقت ”زمان “السيدة ورزازي، وجالستها في بيتها بالرباط بمعية ابنها باهي، وسبرت حكايتها كاملة .ولأن الدهر بلغ منها ما بلغ 89عاما، فقد استعنا بما تركته ودوّنته قبل حوالي عقد من الآن.
أول ما يتبادر إلى الذهن عند الاطلاع على مسيرتك الحافلة لحوالي 50 سنة في الشأن الديبلوماسي والحقوقي، أنك تتجنبين الأضواء والإعلام.. لماذا تختفي السيدة ورزازي ولا تحب الظهور؟
لم يكن أبدا من سمات شخصيتي أن أكون محط أنظار الجميع، وربما أسهم هذا الأمر في إخفاء هويتي وعملي خلال مسيرة عملي لأزيد من أربعة عقود .كنت بطبيعتي دائما أتجنب المقابلات الصحافية، والمرة الوحيدة التي كدت أقوم فيها بمقابلة تلفزيونية كانت في سنة 1993 بعدما ترأست الجلسة الثانية للجنة التحضيرية للمؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، فخلال إعادة انتخابي جاء أحد الصحافيين المرموقين من التلفزيون المغربي إلى الوزارة، من أجل إجراء حوار ضمن برنامجه .أبديت موافقتي المبدئية، لكنني اعتذرت له بعد ذلك، لأنني كنت في قرارة نفسي أتخوف من التحدث علنا باللغة العربية، فلم أحب أن أكون في موضع حرج.
لنعد إلى طفولتك وبداياتك ليتعرف عليك القارئ بشكل أكثر، حدثينا باختصار عن نشأتك..
ولدت بمدينة الدار البيضاء بتاريخ 17 أبريل ،1933 عشت طفولة وظروفا صعبة، ما تزال عالقة بذاكرتي. والدتي كانت فرنسية ووالدي مغربي، لكنني لم أتعرف إليه إلا عندما أصبحت يافعة .ذات يوم، أخبرتني جدتي التي كنت متعلقة بها، وكانت تخفف من معاناتي، أنه بعد طلاق والدتي تعثرت حياتها وحياتنا بشكل مريع، لذا ظل فضولي وهمّي الأكبر أن أعرف هوية والدي.
حاورها غسان الكشوري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 105 من مجلتكم «زمان»