شارك الزيريون، الذين ينحدرون من سلالة أمازيغية صنهاجية، في صناعة جزء من المجد الذهبي للأندلس، بعدما جعلوا من غرناطة مملكتهم بعاصمتها التي تحمل الاسم نفسه. كما اختاروا يهوديا ليكون كبير الوزراء .سابقة في ذلك الوقت، لمملكة إسلامية.
«عندما انطفأت دولة الأمير [عبد لله بن بلقين]، ووجد السكان أنفسهم بدون إمام، انفرد كل قائد بمدينته، أو حبس نفسه في قلعته لتوحيد قواته وتشكيل جيش…» .ليس هناك أفضل من “مذكرات“ عبد لله بن بلقين، آخر ملوك الزيريين في غرناطة، لفهم وضع الأندلس في القرن الحادي عشر بشكل كافٍ. حقبة يمكن مقارنتها ببلاط أمراء إيطاليا خلال عصر النهضة. فقد كان القرن الحادي عشر يعتبر، بشكل عام، نقطة تحول حاسمة بالنسبة للأندلس. وتمتد تلك الفترة من 1009 عندما سقطت الخلافة الأموية في قرطبة في حرب أهلية، حتى فتنة .1031 فقد ساد عدم الاستقرار السياسي في الأندلس، وانهار التناغم الديني والثقافي، وتقاتلت كل الأطراف على عرش الخليفة. وعلى أنقاض الخلافة الأموية في الأندلس، ظهرت 23 مملكة صغيرة، قادها من سموا بـ“ملوك الطوائف“. يلخص المؤرخ راينهارت دوزي هذا التقسيم للأراضي على النحو الآتي: “قسم القادة الأمازيغ الجنوب فيما بينهم، وحكم السلافيون في الشرق، والباقي انقسم بين زعماء جدد أو بين عدد صغير من العائلات النبيلة“. في غضون ذلك، حرر الزيريون أنفسهم وخلقوا طائفتهم الخاصة: مملكة غرناطة (1090-1013) بثقافة محكمة ذات طبيعة “متحررة“ لا ترفض ملذات الحياة، ولا فكرة فن العيش من أجل العيش. كما تميزوا بانفتاحهم إلى درجة جعْل الشاعر اليهودي صموئيل بن نغريلة كبير وزرائهم، مما رمز إلى حقبة فريدة في تاريخ الأندلس خلال العصور الوسطى.
مريم عليلة
تتمة المقال تجدونها في العدد 91 من مجلتكم «زمان»