ظلت وما تزال مسيرة البحث عن الإنسان الأول في المغرب طويلة ومحفوفة بالثغرات. وقد كرس علماء الآثار، المغاربة والأجانب، جهودهم منذ أزيد من قرن من الزمان، لتحصيل رصيد غير مسبوق من الاكتشافات المغربية أمام أنظار العالم .فكيف انطلقت رحلة البحث وإلى أين وصلت اليوم؟
حفلت سنة 2024 في المغرب، بالعديد من الاكتشافات الأثرية الفريدة من نوعها لفترة ما قبل التاريخ، مثلها مثل حصيلة السنوات الأخيرة، على الصعيد الإفريقي والعالمي؛ إذ أضحى المغرب جنة العلماء من مختلف التخصصات، لا سيما علماء الآثار الراغبين في سبر أغوار الحياة البشرية الأولى على هذه الأرض. تمثلت بعض تلك الاكتشافات التي أعلن عنها المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، في العثور على بقايا أقدم استخدام “طبي“ في العالم يعود لحوالي 15 ألف سنة، وكذلك اكتشاف دلائل لأقدم عملية جراحية في العالم، وأقدم استعمال لتقنية حياكة الملابس.. بالإضافة لاكتشافات غير مسبوقة ترجع إلى أزيد من مليون سنة. ما السر إذن في توالي الاكتشافات الفريدة من نوعها في سنوات قليلة؟ وما قصة الاكتشافات: هل هي وليدة العقود الأخيرة أم ضاربة في القدم؟ ثم كيف تفند هذه الاكتشافات الأثرية المزاعم التي تدعي أن أصول المغاربة من المشرق؟ والسؤال الأهم في هذا السياق أيضا: كيف يستفيد المغرب من اكتشافاته غير المسبوقة، ضمن استراتيجية للسياحة الثقافية؟
يجب التذكير أولا، ودون الإغراق في التفاصيل والمصطلحات العلمية، أن العلماء يقسمون التاريخ إلى عدة حقب وفترات وعصور. وبما أننا نقتفي الوجود البشري الأول في المغرب، فإننا سنتحدث عن ما قبل التاريخ، الممتد (في حالتنا) ما بين 3 مليون سنة إلى 3500 سنة قبل الميلاد (قبل ظهور الكتابة). يقسم علماء الآثار فترة ما قبل التاريخ التي عاش فيها الإنسان بالمغرب، إلى فترتين رئيسيتين: العصر الحجري القديم والعصر الحجري الحديث. ينقسم العصر الحجري القديم بدوره إلى: العصر الحجري القديم الأدنى [حوالي 1.3 مليون سنة إلى 300 ألف سنة]، والعصر الحجري القديم الأوسط [ما بين 300 ألف، إلى 22 ألف سنة]، والعصر الحجري القديم الأعلى [ما بين 22 إلى 8000 سنة].
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 135 من مجلتكم «زمان»