دشنت هيأة ”الإنصاف والمصالحة “مرحلة جديدة بالنسبة للباحثين والمؤرخين، إذ نظروا إليها كمادة وثائقية غنية لم يسمح لهم سياق البلاد من قبل أن يحصلوا عليها .وقد شكلت جلسات الاستماع بالتحديد، أهم وثيقة شفوية لاقتحام التاريخ الراهن بالمغرب.
مع حلول شهر يناير الحالي، تحل الذكرى العشرون من إحداث هيأة “الإنصاف والمصالحة“ التي أعلن الملك عن تأسيسها يوم 7 يناير سنة .2004 وقد شكلت الهيأة، التي لم يعد لها وجود اليوم، حدثا مفصليا في العهد الجديد، على عدة مستويات، منها السياسي المتمثل في القطع مع ممارسات الماضي والانتقال إلى مغرب العدالة والديمقراطية، ثم على المستويين الاجتماعي والنفسي؛ المتمثل في الإصغاء للمتضررين وضحايا الفترة بأن يدلوا بشهادتهم عما عاشوه، مع تعويضهم بمقابل مادي ولو كان رمزيا إزاء ما عانوا منه. لكن على المستوى التاريخي، وهو ما يهمنا في هذا المقام، فإن عمل الهيأة ونتائجها شكلت مرحلة جديدة في كتابة تاريخ المغرب الراهن.
تكمن أهمية هيأة “الإنصاف والمصالحة“، بالنسبة للمؤرخين، في الشهادات التي تكشف عن فترة ظلت محظورة في مجال الكتابة والتعبير لدواعي سياسية وأمنية. ونقرأ في تقرير الهيأة أن الانتهاكات الجسيمة ما بين 1956 و1999، ارتبطت «بأحداث تاريخية غير موثقة بالقدر الذي يسمح بقراءات دقيقة وموثوق بها .فهذه الأحداث لا تتوفر حولها إلا وثائق وشهادات غير مكتملة، ولم تنجز حولها إلا دراسات محدودة، جلها من طرف باحثين أجانب»، وكلها تتطلب مراجعة دائمة نظرا لما يستجد حولها. وأضاف التقرير أن الكتابات التي ظهرت منذ فترة التسعينات، وتضمنت كتابات سير ذاتية أو شهادات أو تحليلات سياسية لفترة معينة لما بعد الاستقلال، تتطلب «الوعي بالاعتبارات الراهنة لكتابها وبالاختيارات الذاتية التي تتدخل في عملية انتقاء الأحداث وإعادة بناء الوقائع وترتيبها وتأويلها».
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 123 من مجلتكم «زمان»