يعكس طقس سونا تراثا معبرا عن عمق تعايش مكونات المجتمع المغربي تاريخيا. فهو بقدر ما يأخذ بعدا فرجويا واحتفاليا مرتبطا بعيد الأضحى، بالقدر الذي يعكس قيما إنسانية لمجتمع بدوي تفاعلت مكوناته المسلمة واليهودية ماديا ورمزيا.
سونا طقس احتفالي وشكل فرجوي مرتبط بعيد الأضحى بجل قبائل المغرب الشرقي، إن لم يكن بكثير من مناطق المغرب بصيغ وأشكال مختلفة. ويختلف هذا الطقس الاحتفالي بين القبائل والمناطق، في بعض تفاصيله وجزئياته، لكنه يمثل في الوقت ذاته ممارسة تعبيرية غنية الأبعاد والدلالات، والتي تعكس ما كان يزخر به المجتمع المغربي من تنوع وغنى اجتماعي وثقافي وحضاري، أعطى للمغرب تميزه وانفراده عبر التاريخ. وغدت ظاهرة سونا تتراجع تدريجيا بفعل التحولات التي عرفها المجتمع المغربي عامة، والمجتمع البدوي على وجه التحديد، وخاصة في ظل النزيف البشري الذي تعرضت له البادية المغربية من جراء توالي سنوات القحط والجفاف وما أعقبها من موجات هجرة قروية كثيفة، أفرغت البادية من قوتها البشرية والاقتصادية والثقافية. يتألف المشهد الاحتفالي لسونا من فرقة من الشباب، يتقدمهم شاب بلباس امرأة، «عزونة» – المرأة اليهودية- وبجانبها «موشي»، مرتديا لباسا من جلود المواشي وبلحية طويلة، ويضع على رأسه إناءا معدنيا. وخلفهما مجموعة من الشباب ترتدي ثيابا مثيرة في شكلها وطبيعتها، وتضع على وجوهها لحى مصنوعة من شعر الماعز أو من صوف الأغنام. ويضع بعض أفراد الفرقة أقنعة من صنع محلي، وغيرها الشيء الذي يثير الغرابة… تزيد الفرقة أو تكثر حسب مكوناتها وعدد أفرادها، فقد تصل إلى حوالي خمسة عشر فردا. وتتميز المجموعة بانسجامها وانضباطها، وتتكون في الغالب من الرعاة. ومن الوسائل التي تتزود بها المجموعة/ الفرقة المزمار والبندير، وغيرها من الأدوات التي تساعد على تأثيث الفرقة وتقوية حضورها الاحتفالي. وتجدر الإشارة إلى أن تكوين الفرقة يخضع لعملية الانتقاء والاختيار، فلا بد لعناصر الفرقة من التجربة، وكذا القدرة على الارتجال، وافتعال المواقف، والإبداع في الأغاني والحوارات، التي تتولاها الفرقة عند كل منزل وخيمة.
علي غوزالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 26 من مجلتكم «زمان»