يمثل عبد القادر الشاوي، من خلال كتاباته وتجاربه السياسية والحياتية، عنوان مرحلة طبعت تاريخ المغرب المعاصر. فقد ارتبط الشاوي مبكرا في النضال السري، ضمن منظمة 23” مارس ،”قبل أن يعتقل في عام ،1974 وأدين بـ20 سنة سجنا نافذا قضى منها 15 سنة في الزنازين .غير أنه عرف كيف يروض الحياة داخل السجن، فخرج منه بزاد معرفي جعله في طليعة النقاد والروائيين المغاربة. يعود الشاوي الذي كان شاهدا على أكثر من حدث، في هذا الحوار، إلى الحديث عن “المرحلة المحلوم بها”، كما سماها، ممارسا نقدا ذاتيا لتجربته، وضمنيا لتجربة الرفاق الماركسيين اللينينيين.
هل مثل السجن حقاً نقطة تحول في مسارك، أو كما قلت في كتابك الأخير ”كتاب الذاكرة” إن السجن ساهم، في تجربتك الشخصية، وفي تكوين النظرة العامة التي تسيطر على وعيك الكتابي؟
كان السجن في تجربتي الخاصة، ولعله كذلك في التجارب الأخرى، حدا فاصلا بين زمنين ومرحلتين ومحنة عاطفية وفكرية وسياسية كذلك، ولعله كان كذلك معركة متواصلة من الدفاع، اليائس في بعض الأحيان، عن الذات وعن المعتقد… وما ذلك إلا لأنه أتى في أعقاب ضربة أليمة موجعة وقاسية ومدمرة، بالتأكيد، مست اليسار الماركسي اللينيني في مرحلة انطلاقه وتوسعه وارتباطه ببعض المواقع الاجتماعية التي كانت في البرنامج (البرامج) الثوري عماد التغيير المنشود في تلك المرحلة. غير أنني عندما أنظر بتمعن وفي حال من التجرد أيضا إلى تجربتي في السجن، أكاد أجزم بأنني عشت في حقيقة الأمر، وعلى كثير من الاطمئنان، مرحلة تميزت بكثير من العناصر الإيجابية، ومن هذه العناصر ما هو في أساس تكويني الفكري والعاطفي والإنساني بدون شك، أي فترة زمنية ليس فيها من السلبيات، على طولها، إلى ذلك المنع المتواصل من ممارسة الحرية وذلك القهر المذل لمعاناة الحرمان، وهو ما يدعوني إلى القول إن هذه الجوانب غطت في كثير من الأحيان على غيرها بحكم المقاومة والرغبة في الاستمرار والعمل في سبيل التطور الشخصي. لقد جعلت من السجن، وهو ما كان في تجارب غيري كذلك اعتبارا لطبيعة التكوين السياسي والثقافي، فرصة لا تٌعوض للتأمل في الذات والتجربة وفي الحياة عموما، كما جعلته مناسبة أخرى لاستعادة الماضي والطفولة والتجارب الخاصة والاستثنائية
حاوره عمر جاري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 42 من مجلتكم «زمان»