يعتقد عبد الواحد أكمير، مدير مركز دراسات الأندلس وحوار الحضارات، أن وضعية الأقلية المطاردة التي عاشه الموريسكيون في إسبانيا قوت شكيمتهم وجعلت منهم رجال حرب بامتياز، ولما حلوا بالمغرب أفادوا الدولة السعدية في تطوير جيشها، وكانت لهم مساهمة فعالة في معركة وادي المخازن، كما أبلوا البلاء الحسن في الجهاد البحري ضد الغزو الإيبيري للثغور المغربية. وفضلا عن ذلك، يضيف أكمير، فقد نجح الموريسكيون غي مراكمة ثروات ضخمة، إلى جانب تميزهم في المجال الدبلوماسي.
هل شكل الموريسكيون، في المغرب، دائما كتلة متجانسة؟
أظن أن عبارة “كتلة متجانسة“ بالصيغة التي وردت في سؤالكم لها دلالة نسبية. فإذا كنت تقصد بها أقلية إثنية وثقافية لها خصوصياتها وهويتها وطقوسها، مثل الذي نجده عند الأقلية اليهودية، فالأمر لم يكن كذلك، لأن الأندلسيين لم يأتوا إلى المغرب في مرحلة تاريخية واحدة. الذين أتوا بعد سقوط غرناطة مختلفون بشكل كبير عن الذين جاؤوا قبل ذلك، لا من حيث ثقافتهم، ولا من حيث لغتهم وعاداتهم وعرقهم، ولا من حيث كيفية ممارستهم للإسلام. فالذين جاؤوا مثلاً في القرن التاسع الميلادي وأعادوا تجديد مدينة فاس، هم مختلفون عن القرطبيين الذين جاؤوا عقب سقوط قرطبة في القرن الثالث عشر الميلادي، وهؤلاء مختلفون عن الذين جاؤوا فيما بعد. الفئتان الأولى والثانية أندلسيون، والفئة الثلاثة موريسكيون، وبين الأندلسي والموريسكي هناك فرق كبير .وحتى أقربك من الصورة، اعطيك مثالاً أظن أنه معبر. فنحن عندما نلتقي بشخص لقبه “القرطبي“، نعرف أن هذا الشخص ينتمي إلى عائلة أندلسية ولكن ليست موريسكية، بينما عندما نلتقي بشخص لقبه “بركاش“، نعرف أنه ينتمي إلى عائلة أندلسية وموريسكية في ذات الحين .وحتى بين الموريسكيين أنفسهم هناك اختلافات، فالذين هاجروا في بداية القرن السادس عشر، مختلفون عن الذين هاجروا في بداية القرن السابع عشر.
متى بدأ تأثير الموريسكيين في المغرب، وكيف انتقلوا من وضعية الأقلية المطاردة من الأندلس إلى وضعية الأقلية ذات النفوذ في المغرب؟
وضعية الأقلية المطاردة التي عاشوها في إسبانيا قوت شكيمتهم وجعلت منهم رجال حرب بامتياز. لما حلوا بالمغرب عقب “تمرد البشارات“ أو حرب غرناطة، كما يسميها البعض، كانوا قد خبروا تقنيات الحرب المتطورة. وبسبب ذلك، لم تستطع قوات فيليب الثاني، وهو أعظم ملوك عصره، القضاء عليهم، بحيث دامت تلك الحرب ثلاث سنوات كاملة، ويعتبرها بعض المؤرخين الإسبان أول حرب أهلية عرفتها إسبانيا. وقد تم نفي أعداد مهمة منهم بعد نهايتها، وبعضهم التجأ إلى المغرب.
حاوره يونس مسعودي
تتمة الحوار تجدونها في العدد 41 من مجلتكم «زمان»