تتداول الذاكرة الجماعية أن بعض الناس جاؤوا إلى الدار البيضاء، خاويي الوفاض أو معهم بالكاد حقيبة صغيرة، وفي غضون سنوات قليلة، أصبحوا مليارديرات. هنا بورتريهات لرجال عصاميين صنعوا ثروتهم في ”كازا.”
آل بنجلون: من فاس إلى “كازا”
يعتبر آل بنجلون من بين العائلات الفاسية التي كونت ثروتها في الدار البيضاء. فعندما عانى الحاج محمد بن المفضل بن جلون، وهو تاجر ثري في الشاي الصيني والسكر عبر استيراده من مدينة “مانشستر” الإنجليزية، من احتمال فقدان ثروته جراء أزمة الخميس الأسود عام ،1929 لم يكن أمامه خيار آخر سوى الهجرة إلى الدار البيضاء. لكن معاناته استمرت بعد تعرض الشاحنة، التي كانت تحمل آخر ممتلكاته، لحادث على الطريق. في تلك الأثناء، وجد الشخص الذي كان لديه فرقة نسوية موسيقية أندلسية في فاس، وجد نفسه يقيم في منزل متواضع بحي الحبوس بالدار البيضاء. لحسن الحظ أن الأمور لم تدم طويلا، فقد أقدم ابنه عباس، بالتعاون مع شقيقه حسن، على تأسيس شركة نسيج، ثم ازدهرت أعمالها بسرعة. بعدئذ، سافر ابنا عباس، عمر وعثمان، إلى أوربا لمتابعة دراساتهما الهندسية. كان عمر أول من استحوذ على رخصة بيع علامة “فولفو“ بالمغرب، ثم حصل على الرخصة المتعلقة بعلامة “فورد“. بل إن جون فورد نفسه أصبح صديقًا للعائلة. بينما، كان عثمان هو من رفع علم عالم المال والأعمال المغربي إلى أعلى مستوى عندما أصبح أول مصرفي ومالك شركة تأمين في البلاد، قبل أن يبدأ توسعًا شاملاً في الأعمال التجارية في القارة الإفريقية إلى أن أضحى من كبار أغنياء العالم.
أحمد أخنوش : الهجرة، السجن والنفط
قبل قصة نجاح وصعود عزيز أخنوش، كانت هناك أولاً قصة نجاح والده أحمد أولحاج، الذي رأى النور في بداية القرن الماضي بتافراوت، وهي قرية يغلب فيها الزهد كأسلوب حياة، فيما العمل يُرهق الرجال، والشمس تحرق كل إرادة. بعد مروره بأكادير لمدة قصيرة، وصل أحمد في سنة 1932 إلى الدار البيضاء: مدينة الأحلام وكل الإمكانيات. هنا، فتح محل بقالة. وبعد عشر سنوات، أصبح يملك سبعة، قبل أن ينطلق للاستثمار في صيد الأسماك والرخام. قصة نجاح سعيدة لم ينغصها سوى الحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات، بسبب التزامه الوطني الثابت ودعمه للمقاومة. ثم توالت المعاناة بإحراق محلاته التجارية .بالنسبة لأقربائه والبعض من معارفه، فإن الرجل تعرض لإفلاس حقيقي. لكن عندما غادر السجن، لم ينس أصدقاؤه الوطنيون، الذين أصبحوا حينها رجالا في السلطة، جليل أعماله فردوا له الجميل.
يونس مسعودي
تتمة المقال تجدونها في العدد 129 من مجلتكم «زمان»