رغم تحقق مساعي المغرب في ما يخدم قضيته الأساسية، تُطرح كل فترة وحين بعض المخاوف حول تجدد الثقة بين البلدان، لا سيما مع تقلب الأوضاع الدولية.
ما يزال المغرب يوسع دائرة الدول التي تعترف بمقترحه حول الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية. وبالفعل، تحققت مساعيه في السنوات الأخيرة ونال اعتراف أكبر الدول الأعضاء بمجلس الأمن بالأمم المتحدة، في مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية، وإسبانيا ثم فرنسا .وفي خضم هذه المكاسب، يطرح بعض المراقبين للشأن السياسي ملاحظات، بعضها تخوفات، تتعلق بمدى احتفاظ المغرب بدعم تلك الدول، لا سيما بعد تقلب الأوضاع الدولية كل فترة وحين، بالتحديد انقلاب الكفة والقوى السياسية المتحكمة في تدبير الشأن الدبلوماسي. وقد برز هذا التخوف بشكل ملحوظ مع وصول الرئيس الأمريكي السابق جون بايدن في سنة 2021 للبيت الأبيض، ثم تجدد بعد عودة دونالد ترامب بسبب تفعليه قرارات “مقلقة“. بالرغم من حصول المغرب على اعتراف الدول الثلاث، فإنه لم يتوقف عن مساعيه وظل حاضرا في المحافل الدولية مدافعا عن قضيته الأساسية لكون مقترحاته حول ملف الصحراء هي الحل الأنجع لاستقرار المنطقة. كما حافظ على طبيعة علاقاته بل وتحسينها على عدة مستويات. ولهذا السبب، أعربت من جهتها فرنسا على التزامها «برهانات السلام والاستقرار والتنمية في المحافل متعددة الأطراف». أثبت ذلك لقاء جمع ناصر بوريطة مع نظيره وزير أوربا والشؤون الخارجية الفرنسية، جان نويل بارو، أعلن فيه الأخير أن بلاده «تجدد التأكيد على إرادتها ومواصلة مشاوراتها الوثيقة في هذا المجال وكذا تقديم مبادرات مشتركة» .وحول مستقبل العلاقات، أضاف الجانب الفرنسي أنه سيستغل فرصة لقاءات أخرى لتجديد الثقة والتعاون مع المغرب، مثلما سيحدث في شهر يونيو المقبل في نيس خلال انعقاد مؤتمر الأمم الثالث حول المحيطات، مشددا على “التوافق الدولي” الداعم للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، وعلى أن بلاده تعتزم الاضطلاع بدورها الكامل في هذا الإطار. أما الولايات المتحدث الأمريكية، ولتأكيد حسن نواياها تجاه القضايا الشائكة في القارة السمراء، منها ملف المغرب، فقد عيّن الرئيس ترامب مسؤولا يتحدث اللغة العربية وخبيرا بالشأن الإفريقي، هو مسعد بولس، بصفته مستشارا خاصا للرئيس في الشؤون الإفريقية .هذا الأخير أكد خلال لقاءاته الصحافية انخراط الولايات المتحدة الامريكية في «موضوع الحل الدائم دون تأخير باستخدام مقترح الحكم الذاتي المغربي كإطار وحيد للتفاوض على حل مقبول من الطرفين». وفي حديث آخر، أشار هذا المستشار إلى أن إدارة ترامب ترغب في إنهاء هذا الملف بصفة نهائية .وفي نفس الاتجاه، أشارت مصادر إعلامية إلى أن ترامب يرغب في غلق ملف الصحراء هذه السنة بالطريقة التي ترضي جميع الأطراف، لا سيما وأن الملف سيبلغ عامه الخمسين.
من جهتها، جددت الحكومة الإسبانية دعمها لمقترح المغرب حول الصحراء، وذلك من خلال لقاء جمع بوريطة بنظيره الإسباني بمدريد قبل أسابيع. وقد أعرب الجانب المغربي أن العلاقات بين المغرب وإسبانيا تمر حاليا بأفضل حال مما كانت عليه من قبل، وهو ما تؤكده بعض المؤشرات الاقتصادية والدبلوماسية.