خبر النعيمي كل التجارب، من انخراطه في المقاومة إلى تعرضه للتعذيب ثم النفي… هنا، سيرة حياة رجل عصامي انتقل، بسرعة، من المصانع إلى مدرجات الجامعات الباريسية.
شكل فريد النعيمي، وهو الذي لم يسبق أن دخل مدرسة في المغرب، أيقونة بالنسبة لجيل من الطلبة في العاصمة الفرنسية باريس. ولم يسلم مثقفون كبار، من أمثال الناشط السياسي الألماني-الفرنسي دانيال كوهين بنديت والمفكر والفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر من مجادلاته في عام 1968. بل إن هذا المهاجر، الذي كان يتحدث اللغة الفرنسية بلكنة تطغى عليها الأمازيغية، جعل من كوهين بنديت وسارتر، أبرز وجوه الاحتجاجات الطلابية، موضع سخرية في بعض الأحيان. فقد وصف سارتر بالقول إنه «فيلسوف كبير، لكنه سياسي متواضع». وذهبت سخرية النعيمي إلى أبعد حين تساءل قائلا: «لماذا هذا الفيلسوف الكبير، (يقصد سارتر)، كرس مجلدا من الحجم الكبير للقضية اليهودية في الوقت الذي لم يتفضل بخط سطر واحد عن القضية الفلسطينية؟».
يمكن أن نستحضر، أيضا، مجادلاته أثناء دروس الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي ريموند أرون الذي كان يحاصره النعيمي بنفس الأسئلة حول القضية الفلسطينية، إلى حد أن أرون أحس، ذات يوم، بالانزعاج، فطلب بإخراج النعيمي من المدرج حيث كان يلقي الفيلسوف الفرنسي محاضراته.
أصبح فريد، حينها، أسطورة حية ضمن الحراك السياسي والثقافي الذي كانت تعرفه باريس في سنوات الستينات والسبعينات. وكان البعض يتساءل كيف أصبح مجرد مهاجر عامل يجالس نخب الفكر ويقف مع أكبر رجالاتها ندا للند. حدث ذلك في الوقت الذي كان تتقارب فيه البروليتاريا مع المثقفين.
حسن أوريد
تتمة المقال تجدونها في العدد 45 من مجلتكم «زمان»