مدينة حدودية استمدت اسمهما من موقعها الجغرافي، واحتفظت بجزء من تاريخها منقوشا على الصخور، واستقبلت كل من أوى إليها ومنحته مكانه داخل القصور، وقد تجسدت فيها حياة الواحة بأدق تفاصيلها.
استعارت فگيگ اسمها من موقعها في قلب ممر تحيط به مرتفعات جبلية متوسطة العلو، محدثة في تلك الأراضي فجاجا تخترقها من كل الجهات؛ وهكذا جعلها موضعها الطبيعي تُنعت بـ“فگيگ“ و“فيجيج“ و“فجيج“ أو “إفيّيْ“، كما درج على نطقها الأهالي من الأمازيغ. والاسم “فجيج“ هو من الجذر “فجج“ ومنه فج وفجاج؛ وهي ممرات تخترق كتلا جبلية متناثرة على مساحة شاسعة. يقابل هذا اللفظ في الأمازيغية “تاغيا“ التي شاع استعمالها في الأطلس الصغير، وقد تُصَغَّر إلى “تاغيت“ التي يُعرف بها المعبر الجنوبي الذي يسلك فجا بين عرفين جبليين؛ هما “تاغيت“ و“تاغلة“، مشكلا ممرا يصل بين “فگيگ“ و“بني ونيف“. تقع هذه الواحة الحدودية المتفردة بخصائصها الطبيعة القاسية في أقصى الجنوب الشرقي، على التخوم المغربية الجزائرية، يفصلها جنوبا عن مدينة وجدة حوالي 370 كلم، عبر الطريق الوطنية رقم .17 يتميز الموضع الذي تحتله الواحة بالانبساط، فهو يحتمي بين أحضان مجموعة من الأعراف الجبلية التي لا يتعدى ارتفاعها بضع مئات من الأمتار، تتخللها أفاجيج كثيرة تضمن للمكان بعض الحماية سواء من هبوب الرياح أو من اجتياح المغيرين. تبدو فگيگ في هذا الموقع الاستثنائي كواحة فيحاء في وسط شبه قاحل، يمنحها شجر النخيل الباسق هيبة أزلية وجمالا آسرا، حيث يرخي بظلاله على أرجائها فتنبعث في الهواء نسمات ممزوجة برائحة التراب والماء النابع من بين الصخور الصلدة.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 123 من مجلتكم «زمان»