من هم ”الزكارة “وما هي أصولهم القبلية؟ وما أشهر الاعتقادات والطقوس المنسوبة إليهم؟ وما هي أهم القوانين والتشريعات التي كانوا يدبرون بها شؤونهم الاجتماعية؟ وما مدى صحة ما نسب إليهم من مواقف عقدية وطقوس مجتمعية؟ وما هي أهم القبائل الأخرى المتفرعة عن الطريقة اليوسفية العكازية؟
عرف تاريخ المغرب عبر تاريخه ظهور عدد من الفرق الدينية والنحل الطائفية التي لم يعتن بها التاريخ الرسمي، رغم ما كان لها من إشعاع في محيطها الجغرافي، ومن تأثير اجتماعي وقدرة على الاستقطاب، وما لعبته من أدوار سياسية في مختلف حقب المغرب، ولعل ذلك بسبب ما نسب إليها من عقائد اعتبرت خارجة عن الإسلام، ومن طقوس نعتت ب “الإباحية“ و“اللاأخلاقية“. وإذا كانت طائفة العكاكزة التي اشتهرت بمثل هذه العقائد والطقوس (وهو ما كتبت عنه مجلة “زمان” بتفصيل في عددها رقم 93) قد قضى عليها المولى إسماعيل العلوي نهاية القرن السابع عشر الميلادي، فإن قبائل أخرى قد بقيت على نفس النحلة اليوسفية إلى مطلع القرن العشرين الماضي، ومن أشهرها قبيلة “الزكارة“ شرق المغرب، التي طورت كثيرا من طقوس العكاكزة، واعتبرها بعض الباحثين الأجانب طائفة لادينية وسط المسلمين. تقع قبيلة الزكارة بالشرق المغربي، على بعد 25 كلم جنوب غرب مدينة وجدة، قريبا من الحدود مع دولة الجزائر، وتمتد بين السهلين الصحراويينتافرطا وأنجاد، على مساحة كبيرة تصل لـ6000 متر مربع، وتتكون في جزء كبير منها من جبل يحمل اسم قبيلة الزكارة، يحدها من الجنوب بنو يعلا، ومن الشرق المهايا وأنجاد شمالا، وكانت في أغلب أوقاتها خاضعة للمخزن، إلا ما كان أواخر القرن التاسع عشر الميلادي بعد مساندتها لثورة الجيلالي الزرهوني المعروف بـ“بوحمارة“.
ينتسب الزكاريون إلى قبيلة هوارة الأمازيغية، وهو ما ذكره ابن خلدون في تاريخه حيث قال: «ومن بطون هوارة بنو كهلان ويقال إن مليلة من بطونهم، وعند النسابة البربر من بطونهم غريان وورغة وزكارة ومسلاتة ومجريس»، وهو ما يؤكده عبد الوهاب بنمنصور، في كتابه “قبائل المغرب“، عن نسب القبيلة، «ومن ولد هوار بن أوريغ قبائل بني كهلان التي هي زكارة يوجدون بناحية شرشال والأصنام بالمغرب الأوسط، وبجبال الهبط بالمغرب الأقصى».
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 131/130 من مجلتكم «زمان»