يثير قصر أيت بن حدو، باعتباره نموذجا متفردا للعمارة المبنية بالتراب بالمغرب، الكثير من الإعجاب والانبهار، بالنظر للأسلوب الهندسي المبدع الذي تأسس عليه، وبنمط الحياة الاجتماعية التي كانت سائدة داخل أسواره، مما منحه جاذبية خاصة كونه تحفة فنية معمارية.
شيد قصر أيت بن حدو على هضبة مرتفعة بالجنوب الشرقي المغربي، فهو عبارة عن قلعة تراقب ما حولها من أراضي، وما يتخللها من مسالك وطرق، تبعد عن مدينة ورزازات بحوالي 30 كيلومترا، جنوب الأطلس الكبير. استمد هذا القصر اسمه من “أمغار بنحدو“، الذي كان يحكم القصر منذ العصر المرابطي، حسب ما يتداوله الناس وتواتر بينهم شفها. يعود إنشاء قصر أيت بن حدو، بما يماثل الهيئة التي هو عليها الآن، إلى القرن 17م، غير أن هناك من ذهب أن نواته الأولى ظهرت قبل ذلك، ومما هو ثابت أن هذا القصر كان يشكل محطة أساسية ومركزا مهما في مسار القوافل التجارية التي كانت تصل بلاد السودان الغربي بمراكش، عبر وادي درعة وتيزي نتلوات .ورغم مرور السنين، فما زال بعض الناس يعمرون المكان ويعيشون حياتهم الهادئة حسب متغيرات العصر، مسايرين للتحولات التي عمت المنطقة بعد توافد الأعداد الكبيرة من السياح، سواء من داخل المغرب أو خارجه. ينتصب التجمع السكني الضخم لقصر أيت بن حدو ككتلة معمارية تحتضن قرية محصنة بيوتها من التراب، تظهر وكأنها نُحتت على قطعة من جبل في تناسق كبير مع مجالها الطبيعي. وقد حرص بناتها على جعلها تكتفي بذاتها عمرانيا، بحيث تشتمل على كل المرافق التي تحتاجها الحياة الجماعية، كما يحيط بهذا القصر أراض مخصصة لزراعات معاشية ازدانت جنباتها بشجر النخيل والزيتون وبعض الأشجار المثمرة، ترتوي من واد المالح الذي ينساب بجانب القصر.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 131/130 من مجلتكم «زمان»