لا يختلف قصر المنبهي عن القصور السلطانية في شيء، من خلال هندسته وزخرفته، لكن صاحبه لم يفرح به طويلا في ظل دسائس زملائه من رجال المخزن.
رأى المهدي المنبهي النور في أحضان قبيلة المنابهة التي كانت مضاربها بأحواز مراكش، وقد اشتهرت بولائها الكبير للمخزن في ظل الأزمات التي كابدها خلال نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. انحدر المهدي من أسرة لها صلة وثيقة بالسلطة، فقد كان أبوه قائدا للقبيلة التي ينتمي إليها . وبعد أن أدركت الأب المنية، التحق الابن بحاضرة مراكش، معتمدا على ذكائه وفطنته وصبره وجلده في تحقيق طموحاته التي لم يكن لها حدود. تمكن الرجل منذ البداية من تقلد منصب بسيط في القصر السلطاني، حيث عُين في رتبة “مخزني” تتقاذفه أوامر مسؤوليه، ثم شاء قدره مع الأيام أن يرتقي إلى “قائد الفراش“، وهي وظيفة تجعل المكلف بها قريبا من السلطان، كما أنه بموجب هذه المهمة وُضعت مفاتيح خزائن القصر تحت يده وتصرفه، وكان يساعده في مهامه عدد من الخدم المكلفون بتنظيف الأجنحة الخاصة بالسلطان وتعهدها والاعتناء بأفرشتها، وكان من ضمن هؤلاء أيضا الحلاق والمؤقت وصاحب السجادة السلطانية.
من ”مخزني بسيط ”إلى ”علاف”
لقد جعلت هذه المهمة المهدي مرافقا للسلطان في حله وترحاله، وأسهمت فطنته ووسامته وجاذبية سحنته وابتسامته الدائمة وعذوبة حديثه في نيله محبة من كان داخل القصر من الحاشية، بمن فيهم السلطان المولى الحسن والأمير الصغير المولى عبد العزيز الذي كان أثيرا عند والده، لدرجة أنه لم يكن يفارقه، حيث كان المهدي يجاريه في ميوله ورغباته، مستغلا في ذلك ما اختص به من لباقة وكياسة وحسن تصرف.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 98 من مجلتكم «زمان»