“المغاربة أولوا القرآن أهمية بالغة شأنهم في ذلك شأن المشارقة. وقد ظهر الامر بشكل خاص في كون النساخ الكبار قد رسموا النسخ القرآنية وأكثروا منها، وفعل ذلك الخلفاء أنفسهم في بعض الأحيان، كما يظهر ذلك المصحف الذي رسمه العاهل الموحدي عمر المرتضى، وأوقفه في أحد مساجد مراكش. وكان الملوك المغاربة، علاوة على رسم المصاحف يشيدون الخزائن الخاصة بها. ويعزى المشروع الأول إلى الخليفة المريني أبي عنان الذي، وبعد أن أسس أول خزانة كتب كبيرة للقرويين في سنة 1349م، أمر بان تبنى خزانة كتب صغيرة أخرى تضم فقط نسخ القرآن الكريم.
إذا كانت المصاحف قد زينت مختلف المكتبات المغربية، فإن هناك مصاحف أخرى للأسف تم نقلها إلى المكتبات الأجنبية؛ نذكر على سبيل المثال، المصحف الذهبي المرسوم بالمداد المعنبر برسم خزانة كتب العاهل السعدي احمد المنصور. وقد انتهى هذا المصحف مثل مجموعة من المصاحف الأخرى إلى خزانة الاسكوريال في إسبانيا. وهناك مصحف آخر مرسوم بماء الذهب رسم خزانة الأمير علي، حفيد السلطان مولاي إسماعيل محفوظ اليوم في الخزانة الوطنية للقاهرة (دار الكتب). وهناك مصحف آخر مرسوم بماء الذهب في خط مغربي ومنجز على الورق في سنة 1567م برسم خزانة الخليفة السعدي عبد الله الغالب محفوظ اليوم في خزانة المتحف البريطاني في لندن”.
من كتاب “تاريخ خزائن الكتب بالمغرب”.