ما هي مكونات الشعب المغربي، وما هي أصوله؟ سؤال ما يزال يحيّر المؤرخين والباحثين. المفكر والمؤرخ المغربي عبد الله العروي يجيب عن هذا السؤال.
“الشعب المغربي هو كغيره من شعوب الأرض خليط من أقوام جاءت من الشمال، من الجنوب، من الشرق. وإلى حدود الساعة لا أحد يعرف بالضبط متى وكيف، رغم الأفكار المسبقة التي نحملها جميعا. لذلك أكتفي بإبداء ملاحظات مقتضبة.
يقع في هذه المسألة خلط بين مكونات الطبقة الحاكمة ومكونات ساكنة المدن ومكونات عامة الشعب. لا يوجد تطابق بين هذه المكونات المختلفة. المكون الأندلسي موجود في المخزن وغير موجود في ساكنة الجبال، المكون الحرطاني موجود في الواحات وغير موجود على مستوى المخزن. المكون اليهودي موجود بين ساكنة المدن وغير موجود في أغلب المناطق الفلاحية.
الملاحظة الثانية هي أن أصل وصول المكون العربي متأخر جدا بالنسبة للعنصر الأمازيغي وبأعداد قليلة، فلم يؤثر في المجموع. إذن وهذه هي الملاحظة الثالثة والأخيرة، العنصر البشري في المغرب متجانس. وهو ما دلت عليه كل البحوث الأنتروبولوجية التي جاءت مناقضة لما كانت تروجه الإدارة الفرنسية. لا يوجد فرق واضح بين السكان يشير إلى الاختلاف في الأصول الإثنية. الفرق الوحيد الذي ظل قائما إلى يومنا هذا هو المتعلق باللسان.
هناك مغاربة ناطقون بلهجات عربية وآخرون ناطقون بلهجات أمازيغية. طوال السنوات التي عشتها قبل وبعد الاستقلال لم نكن نعير لهذا الفارق أهمية كبرى.
يبدو أن الوضع بدأ يتغير وبسرعة أثناء العقدين الأخيرين. وبالطبع سيعاد النظر في تقييم الماضي. ما كان يظهر تقدما، تطورا إيجابيا، قد يراه البعض تنكرا وانتكاسا. لا يمكن للمؤرخ أن يجزم بما سيقع. كتبت مرة أني لم أشعر أبدا أني أنتمي إلى أقلية تحتاج إلى سلطة تحميها. أفهم جيدا أن مثل هذا التصريح قد يخدش كرامة البعض، لكني قلت ما قلت تعبيرا عن تجربة.
المغرب الذي عشت فيه وأنا شاب، عند تكوين وعيي الوطني، هو مغرب محدود، مغرب المدن الكبرى والمتوسطة. سكانه كانوا في أغلبهم في نمط واحد، كنت أشعر أنه لا فارق من أي نوع بين مغربي ومغربي آخر. لو كنتُ سافرت إلى مناطق نائية لكان الوقع في وجداني مختلفا “.
مقتطف من عدد خاص مع العروي.. انظر العدد 26 (النسخة العربية).