هل جنى ابن الخطيب على نفسه عندما دخل في نزاعات سياسية وفكرية وفقهية مع رجالات آخرين داخل القصر، أم أن اغتياله كان بسبب صراع مريني-نصري؟
كان ابن الخطيب شخصية بارزة في عصره، ظهرت معالمها على مستويات عدة، ولمعت في ميداني السياسة والفكر. شغل وزيرا لدى بني الأحمر في غرناطة، وخلف العديد من المؤلفات في التاريخ، والتصوف، والطب، والفلسفة، والأدب شعرا ونثرا، والأخلاق، والعقائد… وبالنظر إلى مشاغله السياسية العديدة، فإنه كان يتفرغ إلى التأليف ليلا، حتى أطلق عليه لقب «ذو العمرين»، عمر بالنهار للسياسة، وعمر بالليل للتأليف. شخصية من هذه الطينة شدت إليها الأنظار، وجعلت محبيها وأعداءها كثرا في الآن نفسه، فلا يمكن لامرئ أن يشتغل بالسياسة إلا أن يكون كذلك، وما بالك بشخص لقب بـذي الوزارتين، إذ جمع بين الكتابة والوزارة في عهد السلطان محمد الغني بالله (محمد الخامس). كانت الوشاية، وما زالت، دأب المتنافسين على مراكز القرار داخل القصور السلطانية، وبالنظر لحظوة ابن الخطيب في قصر الحمراء، سعى أكثر من طرف للنيل منه في أفق الحلول مكانه. وبالفعل، لم يخب مسعى هؤلاء المنافسين، الذين كان أبرزهم الوزير سليمان بن داود والقاضي أبو الحسن علي النباهي والشاعر محمد ابن زمرك، وتمكنوا من دق إسفين البغضاء بين الحاكم ووزيره.
في هذا السياق، دبج النباهي قاضي قضاة غرناطة، أحد أكبر خصوم ابن الخطيب، وصاحب فتوى قتله، صك اتهامه في صيغة نصيحة كتبها في أواخر جمادى الأولى من سنة 773هـ/ يناير 1372م، بعد قرابة سنة من مغادرة ابن الخطيب للأندلس في اتجاه تلمسان.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 29 من مجلتكم «زمان»