تأرجح وضع مازغان في ظل الاحتلال البرتغالي بين الانفراج الحَذِر والتوتر المتصاعد، مما فرض اعتماد منشآت عمرانية لها وضع خاص، كالمسقاة التي مكنتهم من مواجهة الحصارات، وأسهمت في استمرارهم بذلك الموقع لسنين طويلة.
كانت البرتغال، رغم صغر مساحتها وقلة سكانها ومحدودية مواردها، تبدي عنادا منقطع النظير في الحروب والصراعات على مناطق النفوذ خارج أراضيها، وكان المغرب من البلاد التي اكتوت بنيران هذه الحروب في مواجهة دولة مسيحية، حظيت بكل الدعم والتأييد والمباركة من الكنيسة. دشن البرتغاليون استيلاءهم على السواحل المغربية باحتلال سبتة سنة 1415م، وضموا القصر الصغير، ثم توالى نزولهم بهذه الثغور تباعا، وبشكل متسارع، انطلاقا من شمال المغرب إلى جنوبه، فسقطت في براثنهم، مع مستهل القرن السادس عشر الميلادي، أصيلا التي اتخذوا منها قاعدة لاحتلال طنجة، و“سنتا كروز“ أگادير التي استهواهم انعزالها على الساحل الأطلنتيكي، وموگادور كمرفأ قديم جذبهم إليه موقعه المميز؛ كمحطة استراحة من هول الإبحار في لجة المحيط، وقد أخلوه مكرهين بعد أربع سنوات من احتلاله، وأسفي التي لم يخطر ببالهم، في يوم من الأيام، أنهم سيضطرون إلى الانسحاب منها بعد تثبيت أقدامهم بها وتحصينها وتشييد كاتدرائية ضخمة كانت تهفو إليها أفئدة أتباع السيد المسيح، وأزمور التي اتخذوا منها قاعدة ارتكاز بالمنطقة، والمعمورة، التي لم يتجاوز بقاؤهم فيها ثلاثة أشهر، بينما باءت محاولات تحصين جزيرة “مليحة“ بوادي اللكوس، وإقطاع العرائش وتطوان وأنفا ومازغان لنبلاء برتغاليين بفشل ذريع.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 121 من مجلتكم «زمان»