تعود البدايات الأولى لاكتشاف المغاربة للفن التشكيلي إلى القرن 16، مع توافد الرسامين الاستشراقيين على الإيالة الشريفة.
تختلف الدراسات حول ما إذا كان الفن التشكيلي بالمغرب قد أكمل قرنه الأول، وذلك بسبب تضارب الآراء حول طابعه وموضوعه، أو أصول رساميه. لكن إزاء ذلك فتاريخ الفن التشكيلي بالغرب شهد عدة إرهاصات، من بينها ظروف الحماية الفرنسية التي فرضت عليه “استشراقا فنيا” حاول، في بعض جوانبه، تشويه صورة المغرب، لكنه بالمقابل صنع جيلا من الفنانين سينقلبون عليه فيما بعد. لم يتعرف الفنانون المغاربة على الرسم والتشكيل البصري، إلا مع احتكاكهم بالاستعمار الأجنبي أواخر القرن التاسع عشر وبداية العشرين. ويرجح الباحثون أن تجربة الاستشراق بالمغرب، رغم أنها خدمت الرؤية الاستعمارية في جوانب عديدة، إلا أنها ساهمت في تحويل المغربي من “حرفي” إلى فنان تشكيلي، وانبثق عنها كذلك تيارات فنية متعددة، فضلا عن تحول اللوحة التشكيلية إلى وسيلة لمناهضة الاستعمار. تذكر بعض الدراسات أن اللحظات الأولى لظهور اللوحة بالمغرب، لا يعود إلى القرن 19، بل يرجع إلى تواجد الرسامين الاستشراقيين بالمغرب منذ القرن 16، إبان حكم الدولة السعدية التي شهدت فترة تجاذبات مع العثمانيين والأوربيين، رغبة منهم في اجتياح المغرب، انتهت بمعركة وادي المخازن الشهيرة. ويذكر الناقد والباحث المغربي، إبراهيم الحيسن، أن بعض المراجع الفنية ذكرت أن السلطان السعدي كاتب الملك الإسباني فيليب الثاني (1598-1527)، من أجل إرسال رسام إسباني لتخليد أفراد أسرته بواسطة التصوير، «حيث تمَّ ذلك باختيار الرسام بلاس دي برادو الذي مكث فترة بالمغرب إلى غاية سنة 1598، قضاها في ضيافة السلطان، إذ عمل على إنجاز سلسلة من البورتريهات الشخصية إلى جانب رسم أميرة الحريم بفاس، فضلاً عن تعلمه اللهجة المغربية وآداب المائدة التقليدية وارتداء اللباس المحلي». ويضيف الحيسن، صاحب كتاب “الاستشراق الفني بالمغرب”، في حديثه لـ”زمان”، أن هناك «وثيقة أيقونية نادرة تؤرّخ لمعركة فوق صهوة حصان بين فارس برتغالي وجندي مغربي تعود لسنة 1578 إبَّان معركة واد المخازن.
غسان الكشوري
تتمة الملف تجدونها في العدد 60 من مجلتكم «زمان»