يعتقد محمد أسليم، المتخصص في العلوم الاجتماعية، أن هناك صلة وطيدة بين الدين والسحر، إذ توجد في القرآن إشارات إليه، كما إلى الجن والشياطين والملائكة .وأضاف أسليم، في حوار مع مجلة ”زمان ،”أنه يتبين من خلال دراسة مجموعة من الحالات السحرية المغربية أن أصحابها، وعلى غرار سائر من يلوذون بالسحر في سياقات ثقافية مختلفة، يتبعون هذه الخطاطة الكونية نفسها ويعيدون في الآن نفسه إخراج «أزمة سحر الرسول».
من خلال اهتمامك بموضوع السحر ونشرك لإصدارات فيه، هل يمكن أن تعطينا تعريفا لهذه الظاهرة؟
لا وجود لتعريف جامع يغطي هذه الممارسة في سائر المجتمعات، لأنَّها تتلون حسب البيئات الثقافية والأزمنة. وعموما، يمكن القول إنَّ السحر سعيٌ للتأثير في العالم المحسوس بقدرات فوق طبيعية، ليست في متناول سائر الناس، ويتألف من مكونين: أسطورة (معتقد) وطقس (ممارسة). الأسطورة تمدُّ بـ«النظرية»، والطقس بـ«المعرفة» وأدوات العمل. في السحر، لا وجود لطقس بدون أسطورة ولا أسطورة غير مؤسِّسَة لطقس. على سبيل المثال، يتشكل الكونُ في المنظور السحري من عالمين: علوي وسُفلي، وما يحدث هنا، في الأرض، يتحدَّدُ بحركات الـ«هناك»، أي الأفلاك، والكواكب، والأبراج، ومنازل القمر، وما إلى ذلك. بالتالي، يُمكن استباق معرفة وقائع المستقبل وتعديل مسار ما يقعُ هنا، من خلال تأمل حركات العالم العلوي والقيام بتدخلات تأخذ شكل طقوس، وهو ما تقدمه وصفات السحرين: المدوَّنة كتابيا، والمتناقلة شفويا.
ما هي المجالات التي يتدخَّلُ فيها السحر؟ وهل تتكلل تدخلاته بالنجاح أم أنَّ الأمر لا يعدو مجرَّد وهم؟ وإذا كانت تدخلاته تتكلل بالنجاح، فما السر في ذلك؟
تغطي هذه التدخلات كافة مشاغل الإنسان، ابتداء من العلل النفسية والجسدية، بكافة أنواعها، مرورا بالعلاقات العائلية والاجتماعية والمهنية، ووصولا إلى المكاسب المادية. ويكفي للتحقق من ذلك فحص «الخطاب الإشهاري» الذي يعتمده مزاولو السحر أو تصفح فهارس مصنفات السحر مما هو متاحٌ في الأسواق أو حتى في شبكة الأنترنت. بل، يمضي السحر إلى ما هو أبعد، فلا يقيد مجالات تدخله بزمنه ومجتمعه، إذ يترك الباب مفتوحا لاستيعاب كل المستجدات الممكنة، وذلك من خلال وصفات ما يُسمى عندهم بـ«قضاء الحاجة»، حيثُ يُكتفى بوضع الإطار وتعيين توابل العمل، إن جاز التعبير، ويُتركُ للمستخدم شأن ملء ذلك الهيكل بما يشغله بصرف النظر عن ماهيته.
حاوره محمد ياسر الهلالي
تتمة احوار تجدونها في العدد 32 من مجلتكم «زمان»