في سنه الثانية والثمانين، ما يزال عبد القادر البدوي يتمتع بخفة ممثل فوق الخشبة، وقادرا على استعراض واستذكار أحداث ووقائع من مشاهد طبعت المسرح المغربي .في هذا الحوار، يتحدث البدوي، الذي يعتبر من الرواد المغاربة الأوائل لأب الفنون، عن بداياته في عهد الحماية وعن الشخصيات الوطنية التي جعلت من الخشبة ساحة مواجهة. كما يتحدث عن خلافات المسرحيين المغاربة غداة الاستقلال، وعن رؤى ووجهات نظر السياسيين حول أحد أقدم فنون الفرجة.
باعتبارك من رواد المسرح المغربي الأوائل، كيف تحدد بدايات أب الفنون في عهد الحماية؟
بدأ المسرح، بمفهومه الخاص، في المدارس الحرة، أي المدارس التي أنشأها الوطنيون المغاربة، سواء في الدارالبيضاء أو فاس أو مكناس أو طنجة أو مراكش أو تطوان… كانت هذه المدن مهتمة أكثر بإنشاء المدارس الحرة التي كان فيها المسرح يعد من المواد الأساسية في التعليم، إلى جانب الشعر وفن الخطابة. هنا أذكر أن الملك محمد الخامس، عشية رحلته التاريخية إلى طنجة في عام 1947، وقع نوع من الهدوء أو الهدنة، بعد حلول المقيم العام الجديد إريك لابون في عام ،1946 محل كابرييل بيو، ما أدى إلى التخفيف من حدة الأزمة بين سلطات الحماية والحركة الوطنية وتفعيل نوع من السلام، ومن الأشياء التي طلبتها الحركة الوطنية من لابون أن يسمح للمغاربة طيلة شهر رمضان بالاحتفال بعيد العرش في الهواء الطلق في الأحياء، فتم بناء 3 منصات بالدار البيضاء، إحداها بدرب الأحباس وثانية بدرب البلدية والأخيرة بدرب الكبير. وكان يشرف على هذه المنصات مديرو المدارس الحرة وأعضاء من الحركة الوطنية التي كانت مكونة من حزب الاستقلال وحزب الشورى والاستقلال وحزب الوحدة الوطنية الذي كان يترأسه المكي الناصري .كان هؤلاء أشبه بإخوة ويعملون من أجل الصالح العام ومن أجل الوعي الوطني ومن أجل الاستقلال.
من كان المؤطرون وكتاب المسرحيات؟
في هذه المرحلة، كانوا هم الأساتذة العاملون في المدارس الحرة، من بينهم محمد العربي السوسي وعبد القادر الصحراوي…
تقصد الصحراوي الذي كان من حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وأصبح فيما بعد وزيرا؟
نعم، لقد كان في البداية استقلاليا قبل أن يلتحق بالاتحاد الوطني للقوات الشعبية. وكان العربي السوسي علامة وخريج من القرويين. كان من بين الأساتذة، أيضا، محمد بن عبد القادر، أحمد العبدي الركيبي، المختار الحمداوي، الجيلالي السرغيني، وهؤلاء كان أغلبيتهم من خريجي القرويين وكانوا هم من يكتبون المسرحيات القصيرة التي كانت تتراوح ما بين 15 دقيقة و20 دقيقة، والتي كانت مواضيعها، المكتوبة باللغة العربية، تهدف إلىنشر الوعي لدى المواطنين بحقهم في الحرية وبواجبهم في الدفاع عن استقلال المغرب.
حاوره عمر جاري
تتمة المقال تجدونها في العدد 32 من مجلتكم «زمان»