ترتبط البدايات الأولى لظهور السينما في العالم بالمغرب، وذلك من خلال تصوير بعض المدن المغربية في نهاية القرن .19 في هذا الحوار مع الناقد والأستاذ الجامعي محمد باكريم، نغوص في تلك السياقات الفنية والمجتمعية المبكرة للسينما في المغرب. إذ يوضح هذا الباحث المتخصص ماهية السينما الكولونيالية وأدوارها في خدمة الحماية، بالإضافة للسينما الأجنبية و”إيديولوجيتها الاستشراقية.” كما يجيب عن تساؤلات راهنة بعد فترة الاستقلال، وعن علاقة السينما بالتاريخ، وأزمة الفن السابع بين السياسة والإبداع والتمويل.
الحديث عن تاريخ السينما في المغرب، يستوجب منا التساؤل عن البدايات الأولى التي تعرّف فيها المغاربة على الصورة والكاميرا. ما هي اللحظة الأولى التي دخلت فيه الكاميرا إلى المغرب، وكيف تعامل المغاربة معها؟
علينا أولا أن نقوم بتمييز منهجي بين تاريخ السينما في المغرب من جهة، وبين تاريخ السينما المغربية من جهة أخرى. بالنسبة للأولى، فإن تاريخ السينما في المغرب قديم قدم السينما ذاتها. أما بالنسبة للثانية، فهي قضية مفتوحة على عدة فرضيات، سنوضحها. عرف المغرب السينما في وقت مبكر جدا. فعلى غرار العديد من دول العالم، وبعد نجاح العرض الأول في سنة ،1895 شهدت بلادنا وصول بعض المصورين الذين بعثهم الأخوان لوميير. إذ قدم هؤلاء للترويج لهذا “الاختراع الصناعي“ الجميل، ولأجل التقاط “صور غرائبية“ ..وذلك من أجل إبهار جمهور مشدود إلى الشاشة الجديدة وما يزال مفتونا بالرسامين الرومانسيين.
يتفق الباحثون على أن سنة 1897 التقطت فيها أولى المشاهد السينمائية في كل من مدن الرباط والدار البيضاء وفاس. خلال هذه الفترة، سيبرز إسمان في هذا المضمار؛ يتعلق الأمر بالجزائري فيليكس مسكويش وابن مدينة ليون غابرييل فير. صوّر فيليكس أولى “المشاهد“، وثق بها إنزال القوات الفرنسية هنا وهناك، ومن ذلك “شريطه“ عن قصف الدار البيضاء سنة ،1907 ويمكن اعتبار ما صوّره كنوع مبكر للتقرير الصحفي، فضلا عن غاياته العسكرية. وتبقى حالة غابرييل فير مثيرة ومفيدة، فقد تم توظيفه من طرف السلطان مولاي عبد العزيز الذي كان مولعا بالأجهزة الحديثة وقتئذ كالدراجة، والهاتف، والكهرباء… تم التعاقد مع المصوّر لمدة أربعة أشهر، لكنه رافق السلطان أزيد من أربع سنوات. وقد ترك لنا كتابا عنوانه “في صحبة السلطان .“1905-1901
ما الذي نستنتجه من هذا الكتاب بخصوص تاريخ السينما في المغرب؟
يتبين من خلال الكتاب على سبيل المثال أن السلطان، وعلى عكس الكليشيهات الكاريكاتورية التي تدور حوله، كان مغرما برموز التحديث والعصرنة ومنها التصوير السينمائي إلى حد كبير، لدرجة أنه حمل الكاميرا وصوّر نساءه اللواتي حضرن العروض المنظمة داخل القصر .يورد فير أنهن «ركبن الدراجات وصورهن السلطان بنفسه» .هكذا، يمكن أن نعتبر أن مولاي عبد العزيز هو «أول مخرج مغربي». من جهة أخرى، يمكن أن نضيف بخصوص السياقات الأولى المرافقة للسينما، أن قاعات السينما بدأت في الانتشار، بالتحديد في سنة ،1908 في كل من طنجة وتطوان، وبعض المدن المغربية، وفق ما يقتضيه المخطط الاستعماري للعمران.
حاوره غسان الكشوري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 109 من مجلتكم «زمان»