خلدت حلقة أصدقاء باهي الذكرى العشرين لرحيله، بإصدار مقالته الشهيرة رسالة باريس في خمسة أجزاء. فكان إحياء هذه الذكرى، مناسبة لعرض جوانب من سيرة هذا الصحافي والمثقف الفريدة من نوعها.
يتذكر أصدقاء محمد باهي أنه كان واثقا ثقة عميقة في الحياة .فالطفل الذي يفلت، مثله، من قساوة الطبيعة الصحراوية، حيث نشأ، يستطيع مواجهة الموت بكل ثقة. وقد أفلت باهي بأعجوبة من الموت أثناء رحلته الأولى من مسقط رأسه في موريطانيا نحو المغرب، حين تسلل خفية إلى باخرة صيد إسبانية في ميناء نواديبو كانت تتجه إلى طرفاية، ولما اكتشفه طاقم الباخرة قرروا رميه في البحر، لولا أنه نجح في إقناعهم بإيصاله حيا مقابل أن يقوم بتنظيف مطبخ ومراحيض الباخرة، ولم تكن تلك آخر مرة يراوغ فيها الموت، كما يذكر صديقه مبارك بودرقة «عباس». «كان على يقين صوفي أن لديه من الوقت ما سيكفي لإنجاز الكثير من المشاريع «الجاهزة» في البال، وأخرى قد تأتي، لذلك لم يكن في عجلة من أمره!»، كما كتب عبد الرحمان منيف أحد أصدقاء باهي، في مرثيته «عروة الزمان الباهي». لكن باهي لم يدرك أن هذا التفاؤل جعله غافلا عن العدوين اللدودين اللذين كانا يتربصان به دون أن يحس: «مفهوم الزمن، وغدر الأيام».
فـ«لم يتصور لحظة واحدة أن الزمن تلاش دائم، تسرب دون توقف، ومحكوم منذ البداية بالنهاية». «أما العدو الثاني، غدر الأيام، فلا حاجة للحديث عنه، إذ بمقدار ما هو بعيد فإنه شديد القرب، ملاصق للروح، وهذا ما حصل تماما… وفي الزمن الخطأ وتحديد لهذا الإنسان الذي كان يعد بالكثير»، وفق تعبير منيف.
إسماعيل بلاوعلي
تتمة المقال تجدونها في العدد 33 من مجلتكم «زمان»