لفهم البدايات الأولى لاتصال المغاربة بالفلسطينيين عبر التاريخ، ولفهم الارتباط الوثيق والتقدير الذي يكنونه لتلك الأراضي ”المقدسة”، يوضح الباحث محمد بويقران، في حواره مع “زمان”، مجموعة من القضايا المجتمعية والتاريخية بين البلدين.
ما هي البدايات الأولى لتواصل المغاربة مع المشرق، وبالتحديد مع أرض القدس؟
لا يمكن الحديث عن تحديد زمني مضبوط لتواصل أهل المغرب والمغاربة مع المشرق، الذي يصطلح عليه هكذا، رمزا وإشارة إلى أرض الحجاز والشام والعراق.. والثابت أن المغاربة زاروا وترددوا على تلك الربوع في سياقات تاريخية مختلفة ومتعاقبة، تطلبت منهم هذه الزيارات سياقات علائقية محددة منها ما هو ديني كالحج، ومنها ما هو اقتصادي كالتجارة، ومنها ما هو سياسي كالرحلات السفارية التي ربطت المغرب بدول المشرق خلال فترات مختلفة من تاريخه .ويمكن تسطير هذه العلاقات في خصوصياتها من خلال تحديد زمني تقريبي، فهناك آثار لتواصل المغرب مع المشرق خلال فترات ما قبل الفتح الإسلامي، وكذلك خلال مرحلة الفتح وما بعدها وإلى يومنا هذا. خلال المرحلة الأولى، يمكن الحديث عن الاتصال التجاري والرحلات التي عرج فيها المغاربة على القدس، كمحطة أو هدف للزيارة والتي يمكن تصنيفها ضمن اتصال المغرب مع الكيانات المشرقية كالفينيقيين وبعدهم البيزنطيين، وهنا يسجل التاريخ وصول هؤلاء إلى المغرب ووصول المغاربة من خلال رحلاتهم إلى المشرق، بعد غزو المغرب مع بداية القرن 11 ق.م، حيث شيدت مراكز تجارية في طنجة وليكسوس وسلا وغيرها. وبعد زوال الفينيقيين، زار المغاربة المشرق في رحلات بحرية وربطوا تلك المراكز الفينيقية مع المشرق.
هل يمكن أن نعرف نظرة المغاربة إلى تلك الأرض البعيدة في هذه الفترة المبكرة؟
مع دخول الفترة الإسلامية، بدأ عهد جديد من اتصال المغاربة بالمشرق وهذه المرة بدافع عقدي وديني، إلى جانب التجارة والسفاري والرحالة. وهذه الفترة قد عرفت تدوينا مهما لهذه الظاهرة العلائقية المغربية مع المشرق، فأرض المقدس وما لها من أثر في التاريخ الإسلامي والوجدان العقدي، ساهمت فيه حادثة “الإسراء والمعراج“، حسب ما جاء في القرآن الكريم. وهنا سوف تنتقل العلاقة بين المغاربة والقدس من طابع وضعي إلى طابع سماوي، لم يحد عنه المسلمون طيلة الفترة التاريخية إلى يومنا هذا. وبالتالي طبعت عموما نظرة المغاربة إلى تلك الأرض البعيدة على مر السنين نظرة دينية.
حاوره غسان الكشوري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 122 من مجلتكم «زمان»