استطاع المفكر محمد مصطفى القباج التدرج في عدة مناصب علمية رفيعة بالمغرب. فقد كان مدرسا للملك محمد السادس مادة الفلسفة، حينما كان وليا للعهد بالمدرسة المولوية، وتم تعيينه ليكون مديرا للشؤون العلمية بأكاديمية المملكة، بالإضافة إلى مناصب عديدة في الوطن وخارجه. في هذا الحوار مع مجلة “زمان”، يكشف مصطفى القباج، لأول مرة بالتفصيل، عن الأدوار التي لعبها للتوسط في الصلح بين الملك الراحل الحسن الثاني وبين عموم المثقفين العرب، وذلك بعد استضافة الملك للوزير الأول الإسرائيلي شيمون بيريز منتصف الثمانينات. وفضلا عن مساره الفلسفي وصداقته الواسعة مع المفكرين العرب، يحكي القباج عن سنوات الصراع حول إلغاء مادة الفلسفة من مقررات المناهج التعليمية، وكذلك عن تأثير الأحزاب السياسية في تراجع المستوى التعليمي والفكري بالمغرب… ومواضيع أخرى في جعبة المفكر.
في البداية، حدثنا عن نشأتك؟
قبل الحديث عن النشأة والمسار، أود أن أنوه بمجلتكم المتخصصة التي وفقت في الجمع بين المضمون التاريخي وجمالية الشكل، ونهجها أساليب في الكتابة تستسيغها القاعدة العريضة من القراء، وذلك هو سر نجاحها واستمراريتها.
بعد هذا التنويه المستحق، أعود إلى النشأة والمسار. سئلت مرارا عن المدينة التي انتسب إليها، فكنت أجيب بأنه اعتمادا على ما كان يخبرني به والدي رحمه لله عن الظروف التي أحاطت بطفولتي المبكرة، فبحكم مهنته كممرض أمر بأن يتوجه إلى مدينة فاس للمشاركة في الحملة ضد وباء انتشر شمال شرق المغرب. هكذا، غادرت العائلة المدينة الحمراء ووالدتي حبلى بي في الشهر الأخير من حملها، في أكتوبر من سنة 1940. وأثناء السفر جاءها المخاض ووضعتني قبل الوصول إلى الرباط، ثم استأنفت العائلة سفرها صوب فاس. هكذا يمكنني القول إنني لا أنتمي إلى مدينة مغربية بعينها، ولساني لم يتأثر بأية لكنة محلية، فهو خليط من اللكنات المراكشية، الرباطية والفاسية.
كيف كان تعليمك الأولي؟
في مدينة فاس، كانت النشأة المبكرة، وكأترابي ألحقني أبي بكتاب من الكتاتيب القرآنية حيث استوعبت جزءا كبيرا من القرآن الكريم. ولدى بلوغي سن التمدرس، التحقت بمدرسة أسسها حزب الشورى والاستقلال بحومة القطانين حيث كنت أقطن، وبما أن والدي كان يتعاطف مع حزب الاستقلال نقلني إلى المدرسة التي أسسها الحزب بحومة الزيات، وهي المدرسة المحمدية وكان يديرها مؤرخ ومحقق معروف هو الأستاذ عبد القادر زمامة. في هذه المدرسة، حصلت على الشهادة الابتدائية بدرجة الامتياز.
حاوره غسان الكشوري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 65 من مجلتكم «زمان»