انخرط عبد الرحيم مبكرا في مناهضة الاستقلال، وخرج إلى شوارع وأزقة سلا، وهو يافع، يدعو التجار والحرفيين لإغلاق أبواب متاجرهم والتوجه إلى المسجد لقراءة اللطيف.
لا يمكن الحديث عن عبد الرحيم بوعبيد، وما بلغه من مكانة في عالم النضال والسياسة، دون الوقوف على أهم مدرسة تلقى فيها أولى مبادئ النضال، حتى صار واحدا من أيقوناته ورموزه الوطنية، فالحركة الوطنية التي انخرط فيها الراحل منذ نعومة أظفاره، هي من أنتجت عبد الرحيم بوعبيد القائد السياسي والزعيم الحزبي، الذي ترك بصمات واضحة في الذاكرة السياسية المغربية. فكيف كانت بدايات عبد الرحيم مع الحركة الوطنية؟ وما هو الدور الذي لعبه بفرنسا لدعم القضية الوطنية ضد المحتل الفرنسي؟ وكيف كان أصغر موقع على وثيقة الاستقلال عام 1944؟ وكيف كانت مشاركته في ايكس ليبان؟ وما هو الدور الذي لعبه في التنسيق بين القصر والحركة الوطنية؟
فتوة النضال وسجون المحتل
رغم أن عبد الرحيم ينحدر من وسط عائلي شعبي وعائلة محدودة الدخل، إلا أنه بذكائه وتفوقه الدراسي تمكن من ولوج مدرسة أبناء الأعيان بمدينة سلا سنة ،1928 ورغم ما لاقاه من صعوبة في التأقلم مع أجواء المدرسة، بسبب التفاوت بينه وبين تلاميذها في اللباس والمظهر الخارجي، إلا أنه تمكن بجديته ونتائجه المميزة، من إثارة اهتمام النخبة التي رأت فيه قيمة مضافة للعمل الوطني على حداثة سنه في ذلك الوقت.
انتقل عبد الرحيم، بعد حصوله على الشهادة الابتدائية عام ،1934 إلى إعدادية مولاي يوسف بالرباط، وهناك التقى بالمهدي بنبركة خلال حفل أقامه المقيم العام الجنرال نوكَيس على شرف التلاميذ المتفوقين، وكانت بداية احتكاك بوعبيد بالعمل الوطني. وبعد حصوله على شهادة الدروس الثانوية (البروفي)، شد عبد الرحيم الرحال نحو فاس، واشتغل بها معلما بمدرسة اللمطيين، وكان يحضر بالموازاة لنيل شهادة البكالوريا. وهناك انخرط بالعمل الوطني، ضمن الخلايا التي كانت تنشط بالمدينة، وكان محمد اليزيدي نائب الأمين العام لحزب الاستقلال أول من عرض عليه الانضمام إلى الخلية السرية للحزب الوطني.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 99 من مجلتكم «زمان»