يعتبر مصطفى مفتاح أحد الوجوه البارزة والمساهمة في الدفع بعجلة اليسار بالمغرب، وإن كان قليل الظهور ويفضل الاشتغال في الظل، إلا أن بصماته حاضرة داخل ”منظمة العمل الديمقراطي الشعبي”، وكذلك في وحدة ”الاشتراكي الموحد” .اعتقل مفتاح في سنة 1974بسبب انتمائه لحركة
“ 23مارس”، وقضى عشر سنوات داخل السجون. وهناك تبلورت أفكاره حول الاقتصاد السياسي وما ينهجه المغرب، فتخصص في هذا المجال، وكتب منتقدا سياسية الاعتماد على المعادن. كما بلور أفكارا أخرى، يوضحها في ثنايا هذا الحوار، تتعلق بما وصل إليه رفاقه بحزب ”الاشتراكي الموحد” من صراع وأزمات، محاولا وضع أسس ومرتكزات لرأب ذاك الصدع.
أنت ممن ذاق مرارة الاعتقال السياسي، وخبرت السياسة عبر ”منظمة العمل الديمقراطي الشعبي”، وأسهمت في وحدة ”الاشتراكي الموحد”، لكنك في السنوات الأخيرة تواريت إلى الخلف، ما سبب ابتعادك عن العمل السياسي التنظيمي؟
لطالما كان لدي رأي حتى قبل أن أتوارى إلى الخلف سنتان أو ثلاث بعد الربيع العربي، وهو رأي يندرج في إطار الحديث عن مسار منظمة العمل، وبحكم أنني أسهمت في المؤتمر الرابع في توحيد ما سمي باليسار الاشتراكي الموحد، ثم توحيد الاشتراكي الموحد، كنت أرى ضرورة التجديد داخل التنظيم السياسي، والطريقة الوحيدة لهذا التجديد يجب أن تتم عبر تجسيد أفكارنا في الواقع. فمثلا نحن ثلة من الرفاق داخل المنظمة برفقة المصطفى بوعزيز ومحسن عيوش وآخرين، بلورنا فكرة مفادها أن الشأن الحزبي هو شأن عام، وقد دافعنا عن فكرة التيارات والديمقراطية الداخلية ومسائل أخرى تهم الحزب. كما اعتبرنا أن مؤتمرات الحزب ليست شأنا خاصا محضا، بل يجب إشراك المواطنين وجميع المقربين وحتى المخالفين لنا وتمكينهم من الوثائق والمعطيات، ومن أراد الانتقاد فله حرية التعبير والرأي. في إطار هذه السيرورة، كانت جميع الأطياف حاضرة في خضم هذه الأفكار: من خالد الجامعي إلى أبراهام السرفاتي. وقد حاولت شخصيا الحفاظ على ممارسة هذا التوجه داخل العمل الحزبي، لكن تكوّنت ممارسة تقليدية على غرار باقي الأحزاب الأخرى. لهذا اعتبرت وما زلت أعتقد أني لن أتكلم أو أخوض في نقاشات (سياسية أو حزبية)، إلا إن كنت قادرا على أن أقدم رأيا أو مساهمة جديدة.
هل فعلا يوجد يسار بكل معانيه في المغرب؟
أعتبر أولا أن مصطلح اليسار عبارة عن صنم، إذ لا يمكن نزع صفة اليساري أو منحها لأشخاص دون آخرين، في حين أن الإرث الاشتراكي كان محضنا لإنتاج الأفكار والبرامج وليس الشعارات أو البطاقة الحزبية. هناك تجني على مصطلح اليسار وحتى على الجهة اليسرى. إن اختيار كلمة اليسار في الأصل لم يكن مفكرا فيها، بل جاءت صدفة. وربما ظهرت العبارة لأول مرة في نهاية القرن التاسع عشر ولم تُعرف كثيرا، ثم ظهرت لدى جان جوريس في فرنسا. ثم بعد ذلك استعملها شخص ليس يساريا هو فرانسوان ميتران. أنا أفضل مصطلح اشتراكي مواطن بدلا عن اليساري.
حاوره غسان الكشوري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 96 من مجلتكم «زمان»