تثبت الوقائع التاريخية أن اليهود المغاربة كانوا أكثر قابلية لتبني نمط العيش الأوربي، ومن خلاله الانفتاح على الموسيقى غير الروحية .ومن بينهم برز اسم زهرة الفاسية.
خلال الأشهر الخمس الأولى لسنة 1832، أقامت بالإيالة الشريفة بعثة دبلوماسية فرنسية مكلفة بتدارس القضايا العالقة المترتبة عن احتلال فرنسا للجزائر. وكان من بين أفرادها، فنان شاب اسمه أوجين دولاكروا، انشغل في أوقات فراغه برسم لوحات تجسد مشاهد من المجتمع المغربي. الواقع أن الرسام القادم من الغرب المسيحي وجد في المغرب صورة مطابقة لما كان تؤثث مخياله من كليشيهات عن الشرق الساحر، فكان كل شيء بالنسبة له مصدرا للإلهام والإبداع. ولأن الأعراف كانت تمنع على كل غير مسلم النوم في المدينة المسلمة، فإن البعثة اضطرت للاستقرار في الحي اليهودي، مما سمح لدولاكروا من الارتشاف من مصدر إضافي للإلهام، ونعني به المرأة اليهودية السافرة والمتحررة في رأيه من مجموعة من القيود التي تغل نظيرتها المسلمة. ونجد تجليا لذاك في لوحته المشهورة “عرس يهودي” “Noces Juives”، ويظهر في ركنها الأيمن السفلي أفراد جوقة موسيقية، يعزفون لسيدة فاتنة ترقص على نغمات موسيقي. وفي تعليقه على المشهد، شرح الرسام أنه على الرغم من أن الراقصات كن يتلوين بشكل «عندنا… يعتبر من قلة الذوق»، فإنهن خلقن أجواء فرحة وفرجة. ونجد في كتابات الأسرى والرحالة والمغامرين، الذين زاروا المغرب في القرن 19، إشارات تؤكد وجود أجواق موسيقية داخل الملاحات، تعمد إلى استخدام النسوة.
محمد حاتمي
تتمة المقال تجدونها في العدد 29 من مجلتكم «زمان»