يعود الموقع الحالي لميناء الدار البيضاء إلى الحقبة الوسيطية، وعرف توافد البحارة الأوربيين. وقد انتبه الفرنسيون إلى وضعه الاستراتيجي لتثبيت أقدام الاحتلال في المغرب.
اعتبر المرفأ الذي ظهر بأنفا، الدار البيضاء حاليا، منذ الحقبة الوسيطية من تاريخ المغرب، ميزة حضارية استأثرت بها المدينة، فقد ضمن الاتصال بشعوب أخرى، وخاصة منهم الأوربيين، الذين كانوا يترددون عليه لوسق الحبوب والبضائع بمختلف أصنافها. وغير خاف ما للتعاملات التجارية من دور في نقل المؤثرات الحضارية بشتى أنواعها، كما أن العائدات المادية لمرفأ أنفا انتعشت تدريجيا مع مستهل القرن 14م، لدرجة جعلت بعض إخباريي تلك المرحلة يصنفونها ضمن المدن الكبرى بالمغرب الأقصى، وذلك بالنظر لما كان لمرفئها من مداخيل تغذي خزينة الدولة.
من مرفأ أنفا إلى ”مرسة “الدار البيضاء
تباينت أصول التجار الأوربيين الذين توافدوا على مرفأ أنفا خلال القرن 14م، وتعددت أجناسهم، فمنهم الميورقيون والأراغونيون والكطلانيون والمرسيليون والبرتغاليون والأنجليز والفلورانسيون والجنويون، وقد كان لبعضهم بالمدينة فنادق خاصة للإقامة وتيسير إجراءات تعاملاتهم التجارية. وقد أسهم تنوع المواد المصدرة من هذا المرفأ في رواج اقتصادي مهم. وفي هذا الصدد، ذكرت بعض التقارير التي تعود لمنتصف القرن 14م أن أهم تلك البضائع تشكلت من القمح والشعير وجلود البقر والجمال والخنازير البرية، وشمع العسل والصوف واللوز والخشب والزيت، والشمع والتوابل والتبر والخيول.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 94-95 من مجلتكم «زمان»