يتشابه تاريخ اليابان والمغرب إلى حد كبير، من حيث مراحل نشوء السلطتين وتأثير الحملات الأجنبية على تطور نظامهما السياسي والاجتماعي، فضلا عن نهجهما سياسة العزلة والانغلاق قبل اتخاذ طريق الإصلاح والتحديث .لكن أحدهما فشل وتعثر، بينما الآخر أضحى رائد التقدم. ”زمان” تعرض أوجه التشابه بين المغرب واليابان، وصولا لاختلاف النتائج.
شكل موقع المغرب المتقارب من القارة الأوربية عاملا في تغيير أوضاعه على فترات مختلفة. فقبل قدوم العرب المسلمين في القرن السابع من جهة الشرق، كانت الممالك الأمازيغية متصلة مع الإمبراطورية البيزنطية ومع القارة الأوربية. وسيظل ذلك مرتبطا بعد انقلاب الأوضاع في شبه الجزيرة الإيبيرية على مدى عدة قرون.
نفس الأمر حصل مع اليابان في اتصالها المباشر مع الصين. فعند حلول القرن السادس، دخلت البوذية بفعل التواصل والترحال القائم بين الصين واليابان عبر كوريا، وكان الرهبان في البداية بمثابة رؤساء أيضا وفي خدمة الطقوس، بنظر القرويين الذين كانوا يسيطرون عليهم عبر وساطتهم الإلهية التي يقومون بها.. أرادت أسرة “ياماتو” الحاكمة ورؤساؤها أن يتميزوا عن التأثير البوذي، فاعتنقوا ما كان يعرف آنذاك ببعض المعتقدات التي كانت تسمى منذ فجر التاريخ بالشنتو (أي طريق الآلهة). وتعتبر هذه الأسرة من الأوائل “الذين خلقوا العائلة الإمبراطورية كأقدم عائلة حاكمة في العالم، ستظل على طول تاريخ اليابان مبدأ كل سلطة شرعية”. وفي الاعتقاد الشنتوي تم نسخ أساطير حول تحدر الميكادو-الإمبراطور- من آلهة الشمس، فتم توظيف ذلك الاعتقاد في سياسة الحكم، لإضفاء شرعية سماوية، يكاد يبلغ حد العبادة لشخص الإمبراطور. ويذكر إدوين رايشاور في كتابه “اليابانيون”، أن إمبراطور اليابان (حتى الزمن الحاضر) أضحى ملكا أوتوقراطيا، واحتفظ بهذه السلطة المزدوجة كزعيم ديني ومنفذ سياسي سامي المقام.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 62 من مجلتكم «زمان»