طالب متميز وأحد أبناء أعيان فاس، كل مقومات المستقبل المهني الواعد متوفرة لدى بن عبد الجليل. لكن اختياره للرهبانية جعلته يعيش حياة المعاناة والتضحية، منبوذا من طرف ذويه.
خائن! بهذه العبارة كان مغرب نهاية عقد العشرينات من القرن العشرين، لما بدأ الوعي الوطني يستيقظ شيئا فشيئا، ينعت الشخص الذي تنكر لدين الإسلام، واعتنق غيره. آنئذ، يعتبر التعميد ولاء لا يغتفر، لمستعمر يدوس سيادة وكرامة البلاد، في الوقت الذي استطاع الإسلام أن يبقى وحده خارج سيطرة الغرب. وبصفته ابن أحد أعيان فاس، أدرك محمد بن عبد الجليل أن اعتناقه للكاثوليكية قضية ستتجاوز بكثير حالة ضمير شخصية. وأمام هذا المأزق، حسم في الأمر، واختار المعاناة والمحبة. أليس ذلك قرارا يمتح من جوهر تعاليم المسيح؟
ولد بن عبد الجليل في فاس سنة 1904. قضى، في هذه المدينة التي أضفى عليها التاريخ طابع القدسية، طفولة منضبطة من المفروض مبدئيا أن تفتح له الطريق نحو مصير مشرق. بدأ مشوار التعلم بحفظ القرآن في جامعة القرويين العريقة. وفي سن التاسعة، رافق أبويه إلى مكة لأداء فريضة الحج.
أثناء الدراسة، أبان بن عبد الجليل عن نبوغ فائق و قدرات هائلة في الحفظ والتحليل. كان من شأن هذه المزايا التي جعلته محط الأنظار أن تضمن له مسارا سياسيا وإداريا مرموقا، خصوصا أنه ينتمي إلى عائلة ميسورة، تتبوأ مكانة اجتماعية هامة. تابع بن عبد الجليل دراسته الثانوية بمدينة الرباط، القلب النابض لإدارة الحماية الفرنسية.
سامي لقمهري
تتمة المقال تجدونها في العدد 28 من مجلتكم «زمان»