بين العيش والمشاهدة وبين الذاكرة والتذكر، ينتقل الصحافي والمعتقل السياسي السابق عبد الرحيم تفنوت بين زمنين: زمن كورونا وزمن الاعتقال، وكلاهما يرتبطان بخيط رفيع.
المشهد الأول : هذا زمن السكوت ولزوم البيوت
قبل أن نقفل راجعين من حيث عدنا، ونحن في محراب بني ملال، أخذنا كامل حريتنا للاستمتاع بما تبقى لنا من الوقت مع صديقنا عبد الكريم جويطي، وضيفنا الثمين على البرنامج التلفزيوني “كان يا مكان”… لم تكن جلستنا استمرارا للأحاديث التي تبادلناها طيلة الأيام الثمانية المنصرمة التي استغرقتها مدة التصوير الوثائقي، والتي لم تكن مشدودة إلا بأسئلة التاريخ وذاكرة المنطقة التادلاوية، بصعودها وتراجعها، بحروبها وسلمها، بمجاعاتها وأمراضها، بعلاقاتها بالسلطة وتغيرات العائلات الحاكمة في عواصم الملك.
في ذلك اليوم الذي صادف السادس عشر من مارس الأخير، وفي صباحه المتردد، لم يكن ممكنا إلا أن “تسرطنا” أخبار الموتى والمصابين التي تأتي من كل أصقاع الدنيا… تبادلنا كغيرنا، في مقهى “تاسوميت”، المعطيات الرائجة على جميع شبكات الأخبار ووكالات الاتصال والتواصل الوطنية والدولية. وقد كانت جميعها تعلن النذير وتدق طبول الهلع، لكن بفائض يغلي بالغموض وتضارب المعطيات، منها التي لها مصدر “ضعيف”، والتي لا أصل لها ولا فصل. فكثر اللغط واللهط، كما يقول، عن مثل هذه الحالات، فقهاؤنا الأشداء، وتدخل في الحلبة من لا عضلات له في صبيب المعرفة والعلم، حتى صرنا نسمع من المغربات ما يغشي الأبصار و”يزلج” الذهن العام، كأن يخبرك – على سبيل البسط- إمام للصلاة معتد بورعه بأن هذا الفيروس هو لعنة إلهية سهر على تنفيذ أشواطها جنود خفاء “يشتغلون” عند ربهم، محترفون متخصصون في رد الحق الإلهي إلى نصابه، وتذكير بني البشر بأن خلاصهم هو في قراءة القرآن، وإقامة الصلاة صباح مساء، جماعات جماعات من الفجر حتى الفجر. وبهذا سنكون في غنى عن “علوم الدنيا” الزائلة، وعما يجعلنا “عبيدا” للخائضين في بحوثها ومختبراتها والتحقيق في نتائجها …
عبد الرحيم تفنوت
تتمة المقال تجدونها في العدد 80 من مجلتكم «زمان»