كانت المغارات والجبال والصخور محط عبادة وخاصة الروح أو الجن الذي يقطن هذه الأماكن كما ساد في اعتقاد القدامى. ولم تخرج المياه عن هذه القاعدة باعتبار الماء مخصبا ومطهرا ومصدرا للحياة.
تعود عبادة مصادر المياه لفترات بعيدة في الزمن، فقد كانت مصر هبة النيل، وفي الهند كان نهر الكانج مقدسا بامتياز، وكانت دجلة والفرات في بلاد ما بين النهرين بمثابة آلهة. ولدى الفينيقيين كانت العيون والأودية منذ البداية محط قدسية. وفي اليونان وروما عرف هذا النوع من العبادة أوج عظمته.
إله المياه المالحة والعذبة
في شمال إفريقيا، يعود تقديس الماء لفترة ما قبل التاريخ، فقد عثر على مجموعة من اللقى قرب عين ماء بموقع الكطار بتونس التي يرجح أنها أولى التمظهرات المرتبطة بعبادة الماء.
كان الماء محط الانشغالات الدينية للأفارقة القدماء، من خلال تقديس العيون والأودية. وهذه القدسية ناجمة لكون إفريقيا القديمة منطقة تعتمد على الفلاحة، حيث يعتبر الماء بمثابة هبة إلهية. وعلى غرار باقي الشعوب القديمة، أدرك سكان شمال إفريقيا ما للماء من طابع مقدس والذي يرتبط في مخيلتهم بوجود روح خفية أطلقوا عليها اسم جني أو معبود.
وإذا كان من الصعب تحديد المعتقدات المرتبطة بالماء في الفترة السابقة عن الوجود الروماني، فيمكن الحديث عن موروث محلي استمر حتى الرومان. يتعلق الأمر بالعبادة المتعلقة بأرواح المياه التي حلت محلها آلهة رومانية مثل نبتونوس والنامفاي خاصة في المناطق التي تأثرت بالحضارة الرومانية.
عبد العزيز بل الفايدة
تتمة الملف تجدونها في العدد 10-11 من مجلتكم «زمان»